للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أنَّ مَرتَبة النُّبوَّة لا تُنال بالكَسْب والفُتوَّة كما قال السَّفَّارينيُّ في العَقيدة (١)، وإنما هي فَضْل من الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - على مَن يَشاء من عِباده.

الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: أنَّ العُلماء لهم حَظٌّ ونَصيب من الرُّوح التي يُلقيها الله تعالى على الرُّسُل؛ لأنهم ورَثة الأنبياء، فلهُمْ حظٌّ ونَصيب من هذه الرُّوحِ التي يُلقيها الله على مَن يَشاء، لكن لهم حَظٌّ من هذه الهِداية - هِداية الدَّلالة والبَيان - ثُم قد يَكون لهم حظٌّ من هِداية التوفيق وقد لا يَكون؛ لأنَّ العالِم قد يَعمَل بعِلْمه فيَكون له حظٌّ من الهِدايَتَيْن: هِداية الإرشاد، وهِداية التَّوْفيق، وقد لا يَعمَل بعِلْمه فيَكون له حَظٌّ من هِداية العِلْم والإرشاد، لكنها صارَت وَبالًا عليه؛ حيث خالَفَ مع العِلْم بالحَقِّ، وهذا أَشَدُّ مِمَّن خالَف بدون عِلْم بالحَقِّ.

الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: أنَّ الوَحيَ الذي يُنزِله الله - عَزَّ وَجَلَّ - على مَن يُنزِله من عِباده الحِكْمة منه إنذارُ الناس يوم القِيامة {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: إثبات الحِكْمة لله، وأن أَفعاله مَقرونة بالحِكْمة؛ لقوله: {لِيُنْذِرَ}، وما أَكثَرَ لام التعليل و (مِن) التَّعليلية في القُرآن، وكذلك في السُّنَّة، وكلُّها تَدُلُّ على إثبات الحِكْمة لله.

وقد ذكَرَ بعض العُلَماء أن الحِكْمة دلَّ عليها أَلْفُ دَليل من الكِتاب والسُّنَّة، فلا تُحصَى الأدِلَّة المُثبِتة لحِكْمة الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - فيما يَفعَل، خِلافًا لمَن قال: إنه يَفعَل لمُجرَّد المَشيئة لا لحِكْمة، فإن هذا إبطال لصِفة من أَعظَم صِفات الله؛ لأنَّ هذا يَستَلزِم أن يَكون فِعْله عبَثًا لغير غاية محَمودة.


(١) العقيدة السفارينية (ص: ٨٣).

<<  <   >  >>