للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لتَصدَّقت، أفأَتَصدَّق عنها؟ قال: "نَعَمْ" (١).

وكذلك سَعدُ بنُ عُبادةَ - رضي الله عنه - كان له مِخرافٌ؛ أي: بُستان يُخرَف، فتَصدَّق به على أُمِّه بإِذْن الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - (٢)، هذه العِبادة المالِية. أمَّا العِبادة البدَنية: فقول النبيِّ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ" (٣)، وهذه عِبادة بدَنية مَحْضة.

وأمَّا المُركَّبة منهما: فالحَجُّ، وقد قال النبيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - للمَرْأة التي سأَلَتْه عن أُمِّها أنها ماتَت ولم تَحُجَّ، قال: "حُجِّي عَنْهَا" (٤)، وهذا مَذهَب الإمامِ أحمدَ (٥). أَعنِي: جوازَ إهداء القُرَب إلى الغير بشَرْط أن يَكون المُهدَى إليه مُسلِمًا، أمَّا إن كان كافِرًا فإنَّه لو أُهدِيَ إليه لا تُقبَل؛ لأنَّ الكافِر لا يُقبَل له عمَل، لا من نَفْسه، ولا من غيرِه، وهذا القَوْلُ أَقرَبُ إلى الصواب من القول بالمَنْع.

ولكن مع ذلك لا نُحبِّذ أن الإنسان يُهدِي إلى أمواته شيئًا؛ لأنَّ هذا لم يَكُن من عادة السلَف، ولا سِيَّما الإكثار منه، كما يَفعَله بعض الناس اليوم، تَجِد بعض الناس في رَمضانَ يَختِم القُرآن عِدَّة مرَّات، وكل خَتْمة يَجعَلها لواحِد من أَقارِبه، هذه لأُمِّه،


(١) أخرجه البخاري: كتاب الجنائز، باب موت الفجأة البغتة، رقم (١٣٨٨)، ومسلم: كتاب الزكاة، باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه، رقم (١٠٠٤)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب الوصايا، باب إذا قال: أرضي أو بستاني صدقة لله، رقم (٢٧٥٦)، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٣) أخرجه البخاري: كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم، رقم (١٩٥٢)، ومسلم: كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت، رقم (١١٤٧)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٤) أخرجه البخاري: كتاب جزاء الصيد، باب الحج والنذور عن الميت، رقم (١٨٥٢)، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٥) انظر: المغني (٢/ ٤٢٣)، والشرح الكبير (٢/ ٤٢٥)، وكشاف القناع (٢/ ١٤٧).

<<  <   >  >>