للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه: ١١٢]، قال المفَسِّرون: ظُلمًا في زِيادة سَيِّئاته، وهَضمًا في نَقْص حسَناته.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: إثبات المُحاسَبة: أن الله يُحاسِب الخَلائِق، وهذا كما أنَّه مَدلول النُّصوص فهو مُقتَضى الحِكْمة؛ إذ ليس من الحِكْمة أن يُؤمَر الناس ويُنهَوْا ثُم يَذهَب هذا الأَمْر والنَّهيُ هدَرًا لا يُحاسَب عليه العَبْد، هذا في الحَقيقة لو ثبَت لكان عبَثًا، والله تعالى مُنزَّهٌ عنه، كما قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: ١١٥]، وقال تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة: ٣٦]، فلابُدَّ من مُجازاة، لابُدَّ من محُاسَبة حتى يَتبَيَّن ما للإنسان وما عليه.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: تَمام قُدْرة الله - جَلَّ وَعَلَا - وقوَّتِه، مَأخوذة من قوله: {سَرِيعُ الْحِسَابِ}؛ لأنَّ السرعة تَدُلُّ على القُدْرة والقُوَّة، كيف يُحاسِب هذه الخَلائِقَ التي لا يُحصيها إلَّا هو - عَزَّ وَجَلَّ في نِصْف يوم؟ ! هذا دَليل على كَمال القُدْرة وكَمال القُوَّة.

فإن قال قائِل: كيف يَكون الحِساب؟

فالجَوابُ: الحِسابُ يَختَلِف باختِلاف المُحاسَب:

أمَّا المُؤمِن: فإن الله تعالى يَضَع عليه كنَفَه؛ أي: سِتْره، ويَخلو به ويُقرِّره بذُنوبه، ويَقول: فعَلْت كذا وكذا في يوم كذا. حتى يُقِرَّ، فإذا أَقَرَّ واعتَرَف، قال الله تعالى: ستَرْتُها عليك في الدنيا، وأنا أَغفِرُها لك اليومَ. فيَذهَب طَليقًا.

أمَّا الكُفَّار: فإنهم لا يُحاسَبون حِساب مَن تُوزَن حَسَناتُه وسَيِّئاته؛ لأنهم ليس لهم حَسَنات، ولكن تُحصَى أعمالهم فيُوقَفون عليها، ويُقرَّرون بها، ويُخزَوْن بها، ويُوبَّخون عليها {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ

<<  <   >  >>