للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ} [الملك: ٨ - ٩]، فيُوبَّخون زِيادة في حَسْرتهم - والعِياذُ بالله - وبَيان أنهم لم يُظلَموا، فالحِساب إِذَنْ يَختَلِف.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: يُستَفاد من هذه الآيةِ من الناحِية المَسلَكية: تَحذير الإنسان من المُخالَفة، وحَثُّه على المُوافَقة ويُؤخَذ ذلك من قوله: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [غافر: ١٧]، فهذا يُوجِب للإنسان إذا آمَن به أن يَحرِص على مُوافَقة الأَمْر وعلى طاعة الله؛ لأنه يَكسِب.

وأَنا أَسأَلكم كما أَسأَل نَفْسي: هل نحن إذا صلَّيْنا يَكون في نُفوسنا شُعور بأننا سنَأخُذ أجرًا على هذه الصلاةِ، أو الشُّعور السائِد أننا أدَّيْنا ما يَجِب علينا فقَطْ؟ الجوابُ: الثاني، ولهذا لو كان عِندنا الشُّعور الأوَّل؛ إننا سنُجازَى على هذه الصلاةِ وبقَدْر ما أَتْقَنَّا فيها لكنا نُتقِنها جيِّدًا؛ لأننا نَعلَم أن الجَزاء من جِنْس العمَل؛ ابذُلْ دراهِمَ كثيرةً يَأتِك سِلعة طيِّبة، لكِن ابذُلْ قَليلةً يَأتِك سِلعة رَديئة.

لهذا يَنبَغي لنا - ونَسأَل الله أن يُعينَنا ويُعيذَنا من الغَفْلة - أن نَشعُر حين نَعمَل العمَل الصالِح أننا سوف نُجازَى عليه، حتى يَكون ذلك أَشحَذَ لِهمَمِنا في إتقان العمَل؛ لأنَّ الإنسان إذا علِمَ أن عمَله هذا هو جَزاؤُه فسوف يُتقِن العمَل، سوف يَأتِي به على حَسب ما يَرضَي الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -.

* * *

<<  <   >  >>