للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المفَسِّر - رَحِمَهُ اللهُ -: [{إِذِ الْقُلُوبُ} تَرتَفِع خوفًا {لَدَى} عِندَ {الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ}]، قال الله - تَبَارَكَ وَتَعَالَى -: {وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: ١٠]، وهذا شيء مَعلوم مَحسوس؛ أن الإنسان كلَّما اشتَدَّ به الخَوْف ارتَفَع قلبُه وانكَمَش وازداد خَفَقانًا، فيَوْم القِيامة تَرتَفِع القلوب حتى تَصِل إلى الحَناجِر، والحَنجرة ما بين التَّرْقوتَيْن.

قال المفَسِّر - رَحِمَهُ اللهُ -: [{كَاظِمِينَ} مُمتَلِئِين غمًّا، حال من {الْقُلُوبُ} عُومِلت بالجمع بالياء والنون مُعامَلة أصحابها]، لم يَقُل: إِذِ القُلوب لدى الحَناجِر كاظِمة، لأنه لو جرَى الوَصْف للقُلوب؛ لقال: إِذِ القُلوب لدَى الحَناجِر كاظِمة، وقال تعالى: {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ} [النازعات: ٨] ولا يُجمَع جَمْعَ المُذكَّر السالِمَ بالواو والنُّون إلَّا للعاقِل.

وقوله: {إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ} القُلوب جَماد، هي نَفْسها جَماد، والجَماد لا يُجمَع بالواو والنون؛ لأنه لا يُجمَع بالواو والنون إلَّا العاقِل، عَلَمًا كان أو وَصْفًا، وقد مَرَّ عليكم في شُروط جمع المُذكَّر السالِمِ أن يَكون عَلَمًا أو وَصْفًا لعاقِل، فهنا القُلوب ليست عاقِلة، القُلوب جُزء من البدَن ليست عاقِلة، فكيف تَوجيه الحال التي جاءَت منها بجَمْع على صيغة جَمْع المُذكَّر السالِم؟ !

يَقول المفَسِّر - رَحِمَهُ اللهُ -: لأنَّ المُراد بها أصحاب القُلوب، القُلوب لدى الحَناجِر والكاظِم صاحِبها، وهذا حقٌّ أن {كَاظِمِينَ} حال من القُلوب باعتِبار أصحابها، والكاظِمُ يَقول: المُمتَلِئ غمًّا، ويَمتَلِئون غمًّا لشِدَّة الأَهْوال، والمَخافة قُلوب مُرتَفِعة أَنفُس مُمتَلِئة غمًّا.

قوله: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: ١٨] الظالمِون همُ الكافِرون

<<  <   >  >>