للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هنا؛ لقول الله تعالى: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: ٢٥٤] وليس المُرادُ مُطلَقَ الظُّلْم، بلِ المُراد الظُّلْم المُطلَق، وهو ظُلْم الكُفْر، فالظالِمون في ذلك اليومِ ليس لهم حَميم، والحَميم هو: المُحِبُّ، كما قال المفَسِّر، وقيل: القريب، كما قال تعالى: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (١٠٠) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} [الشعراء: ١٠٠ - ١٠١] أي: قَريب، ولا نَقول: ولا صَديق مُحِبٍّ؛ لأنه ما من صَديق إلَّا وهو مُحِبٌّ، ولولا المَحبَّة ما صادَقه.

وعلى هذا فنَقول: إن الأَوْلى أن تُفسَّر الحَميم بالقَريب، والغالِب أن الذي يُحامِي عنك ويُدافِع عنك ويَشفَع لك هو القريب، هذا الغالِبُ.

وقوله: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} {شَفِيعٍ} بمَعنَى: شافِع، فهي فَعيل بمَعنَى فاعِل، كسَميع بمَعنَى: سامِع، والشافِع: مَن شفَعَك؛ أي: صار معَك حتى تَكون بعد الفَرْد شَفْعًا؛ ولهذا يُقال: الشافِع هو مَن تَوسَّط لك بجَلْب مَنفَعة، أو دَفْع مَضرَّة، هذا هو الشافِع، التَّوسُّط للغير بجَلْب الخير، أو دَفْع الضَّيْر، يَعنِي: الشفاعة هي التَّوسُّط للغير بجَلْب الخير أو دَفْع الضير، هذا إذا أَرَدْت أن تَأتِيَ بها على سَبيل السَّجْع؛ من أَجْل أن تَكون أَريَحَ، ففي يوم القِيامة ليس لهم شَفيع، فلا يَشفَع لهم أحَدٌ؛ لأنَّ مِن شَرْط الشفاعة أن يَكون الله راضِيًا عن الشافِع وعن المَشفوع له.

ولجَأْنا إلى هذا التَّأويلِ لوُجود الآية الثابِتة للشَّفاعة، وهي قوله تعالى: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ} [الشعراء: ١٠٠]، وانتِفاء الشَّفاعة وهي قوله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: ٢٨] وهَؤلاءِ لا يَرتَضيهم الله.

قال المفَسِّر - رَحِمَهُ اللهُ -: [{وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} لا مَفهومَ للوَصْف، إذ لا شَفيعَ لهُمْ أصلًا؛ لقوله تعالى: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ} أو له مَفهومٌ بِناءً على زَعْمهم أن لهُمْ شُفَعاءَ،

<<  <   >  >>