للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: لو شفَعوا فَرْضًا لم يُقبَلوا].

كلِمة {يُطَاعُ} جُملة فِعْلية في مَحَلِّ جَرِّ صِفة لـ {شَفِيعٍ} ولو حوَّلناها إلى اسمِ فاعِل لكان التَّقدير: ولا شَفيع مُطاع، فهل هذه الصِّفةُ قَيْد، بمعنى: أن لَهُم شَفيعًا لا يُطاع، أو هي بَيان للواقِع والمُراد نَفيُ الشَّفيع؟ ذكَر المفَسِّر احتِمالَيْن:

الأوَّل: أن يَكون المُراد ليس لهم شَفيع مُطلَقًا، واستَدَلَّ لذلك بقوله تعالى عنهم: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (١٠٠) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} [الشعراء: ١٠٠ - ١٠١].

أو أن المَعنَى: لو قُدِّر أن لهم شُفَعاءَ، فإن هؤلاءِ الشُّفَعاءَ لا يُطاعون، وهذا بِناءً على قولهم: إن الذي يَعبُدون من دون الله يَكونون شُفَعاءَ لهم، والآية تَحتَمِل ما قال المفَسِّر، أمَّا إذا قُلْنا بالوَجْه الأوَّل، وهو نَفيُ الشفاعة مُطلَقًا فالأمر ظاهِر لا إِشكالَ فيه.

أمَّا الثاني: أن يُقام لهُمْ شُفَعاءُ، ولكن تُرَدُّ شَفاعتهم، فهذا من أَجْل التَّخجيل لهم، أن يَخجَلوا حيث تُقام الشُّفَعاءُ الذين يَدَّعون أنهم شُفَعاءُ لهم، ثُم تُردُّ الشفاعة، هذا أَبلَغُ في خَجَلهم، وفي رَدِّهم، وعدَم انتِفاعِهم بآلِهَتهم، والله أَعلَمُ.

فإن قال قائِل: إذا قُلْنا بالوجه الثاني {وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} ثُم يُقام ثُم يُرَدُّ، ما حال الشَّفيع الذي يُقام ثُم يُرَدُّ، هل هو مَن تُقبَل شَفاعته، هل أنَّه مِثْلهم أصلًا؟

فالجَوابُ: لا، بل تُمثَّل لهم أَصنامُهم، حتى الذين يَعبُدون عِيسى، يُمثَّل لهم عِيسى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.

<<  <   >  >>