للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا مَوْلايَ، أَنقِذْني من هذه البَليَّةِ، أَنقِذْني من هذه الضائِقةِ، فيَذهَب إلى بيته ويَجِد أن الأَمْر قدِ انفَرَج، وسَوْف يُضيف هذا الانفِراجَ إلى السبب الظاهِر، الذي قام به، وهو دُعاء هذا القَبْر حتى انفَرَجت عنه الغُمَّة؛ فنَقول: هذه فِتْنة، ونَعلَم عِلْم اليَقين أنَّه - أي: صاحِب القَبْر - ليس هو الذي كشَف الضُّرَّ، وإنَّما الذي كشَفه الله - عَزَّ وَجَلَّ -، لكن حصَل الكَشْف عند دُعاء صاحِب القَبْر، لا بدُعائه.

انتَبِهوا لهذا؛ لأنه دائِمًا يُورِد علينا أصحابُ القُبور هذه الشُّبْهةَ، يَقول: أنا دعَوْت السَّيِّد الفُلانيَّ فاستَجاب لي، وانكَشَفتِ الغُمَّة.

فإن قال قائِل: ما يَحصُل لعُبَّاد القبور من الابتِلاء والامتِحان، لو قلنا لهم: إنَّ الله - عَزَّ وَجَلَّ - يَقول كذا، ويَقول كذا؛ لا يَقتَنِعون، والإنسان المُؤمِن بالقُرآن المُقِرُّ هذا يَقتَنِع بالآيات، لكن هؤلاء لا يَقتَنِعون بالقُرآن؟ .

فالجوابُ: غالِب أصحاب القُبور مُسلِمين، يَرَوْن أنَّهم على إسلام، ويُؤمِنون بالقُرآن.

المُهِمُّ: أن الله تعالى قد يَجعَل الشِّفاء عَقِب دُعاء صاحِب القَبْر ابتِلاءً وامتِحانًا؛ فيُصدِّق الإنسان بالحِسِّ، ويُكذِّب الشَّرْع، يُصدِّق بالحِسِّ وهو بِناء هذا الأَمْر على الشيء الظاهِر، ويُكذِّب بالشَّرْع.

فإن قال قائل: بعض الناس يدعو ويقول: هذا حصَل بدُعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟

فالجواب: أبَدًا لم يَحصُل، الرسول لا يَملِك هذا أبَدًا في حَياته، ربما يُريهم الله آيةً من آيات الرسول فيَحصُل مثل هذا، كما حصَل في عَيْن أبي قَتادةَ أن أُصيبَت فنُدِرت حتى صارَت على خَدِّه؛ فأَدخَلها النبيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - في مَكانها، والْتَأَمَت في الحال. وهذه آيَة من آيات الله، لكن هذه في حَياته، أمَّا بعدَ مَماته فلا.

<<  <   >  >>