للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّه ما من أُمَّة خلَتْ إلَّا وقد جاءَتْها رُسُلها؛ لقوله: {كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} كُلُّ أُمَّة جاءَها نَذيرٌ وجاءَها رَسولٌ أَنذَرها وبَيَّن لها، وقد أَقرَّت هذه الأُمَمُ بذلك، قال الله تبارَكَ وَتَعَالَى في سورة المُلْك: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا} أي: في النار {فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ} [الملك: ٨ - ٩] ثُم قالوا: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: ١٠].

وقال تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: ٢٤] , وهذا من تمَام رحمة الله عَزَّ وجلَّ وحِكْمته أَنْ أَرسَل الرُّسُل مُبشِّرين ومُنذِرين، لئَلَّا يَكون للناس على الله حُجَّة بعد الرُّسُل، ولأَجْل مَصْلَحة الخلْق، نحن لولا رَسولِ الله عَلَيهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَرسَله الله إلينا، لا نَعرِف كيف نَتَوضَّأ، لا نَعرِف كيف نُصلِّي.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ الرُّسُل عليهم الصلاة والسلام بُعِثوا بالآيات البَيِّنة الظاهِرة.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: إقامة الحُجَّة على الخلْق بإِرْسال الرُّسُل أوَّلًا، ثُمَّ بتَأيِيدهم بالآيات البَيِّنات، التي لا تَدَعُ مَجالاً للشَّكِّ أو للإنكار.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ هؤلاء الذين وصَل إليهم، لم يَشكُروا النِّعْمة، بل بادَروا بالكُفْر والتَّكذيب.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنه لو تَأمَّل العاقِل ما جاءَت به الرُّسُل، ما أدَّى ذلك إلى كُفْره؛ لكنَّ غالب المُكَذِّبين للرُّسل يُبَادِرُون بالتكذيب، قال الله تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأنعام: ١١٠].

الْفَائِدَةُ الثَّامِنةُ: إِثْبات الأسباب، وأنَّ الله تعالى ربَط المُسبَّبات بأسبابها، وهذا

<<  <   >  >>