للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَدُلُّ على تمَام حِكْمَة الله، وأنه عَزَّ وَجَلَّ لم يَفعَل شيئًا عبَثًا، ولا لمُجَرَّد المَشيئة، خِلافًا لمَن قال من الجبْرية وغيرهم: إنَّ الله تعالى يَفعَل ما يَشاء لمُجرَّد المَشيئة، وليس لحِكْمة. وأَنكَروا حِكْمة الله، وقالوا: إنَّ الحِكْمة تَقتَضي النَّقْص. وهذا من غَرائِب الأفهام، الحِكْمة تَقتَضي النَّقْص! ! قالوا: نعَمْ؛ لأن الحِكْمة غرَض، فإذا فعَل لكذا، فإنه محُتاجٌ لهذا الغرَضِ! !

فيُقال لهم: تبًّا لكم ولأفهامِكُم، الحِكْمَةُ هي غايةُ الحُكْم؛ أي: أنَّ الحِكْمَة أكبرُ ما يَدُلُّ على البُعْد عن السَّفَه واللَّعِب، وأمَّا قولُكم: إنَّ الحِكْمة غرَض؛ فإذا قُلتُمْ: إن الله فعَل كذا لكذا. لزِم من ذلك أن يَكون الله محُتاجًا إليه، فيُقال: الحِكْمة التي يَشرَع الله الشرائِعَ من أَجْلها لا تَعود إلى نَفْسه، إلَّا من حيثُ الكمال فقَطْ، أمَّا المَصلَحة فالذي يَنتَفِع بها الخلْق، أمَّا الله عَزَّ وَجَلَّ فإنَّ حِكْمَتَه لا تَعُود إليه بشيء سِوى بيان كَمال صِفاته عَزَّ وجَلَّ.

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: إثبات القَويِّ اسمًا من أسماء الله، وهو من الأسماء اللَّازِمة، وعلى هذا لا بُدَّ من إثباته وإثبات ما دلَّ عليه من الصِّفة وهي القوَّة.

الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: أن الله تعالى شَديد العِقاب، ولكن لمَن عَصاه.

الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: التَّحذير من مخُالَفة الله؛ لأنَّه قوِيٌّ وشديدُ العِقَاب، فيا وَيحَ مَن خالَف أَمْر ربِّه؛ فإنَّه سيَتعرَّض لشِدَّة العَذاب من ذي قُوَّة لا يَلحَقها ضَعْف {إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.

<<  <   >  >>