للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ} [الأعراف: ١٥٤] , هذا أيضًا يَدُلُّ على قوَّتِه وشِدَّته عَلَيه الصلَاةُ وَالسَّلَامُ، وهذا من الحِكْمة؛ لأنَّه أُرسِل إلى أَعتَى أهل الأرض، وهو فِرعونُ؛ ولهذا قابَله بالقُوَّة؛ قال له: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسراء: ١٠٢].

وهذه قوَّة تَدُلُّ على قوَّتِه عَلَيه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَرْسَله الله تعالى أيضًا إلى قَوْم عُتاة، وهم بنو إسرائيلَ، ولهذا لا يُوجَد شَعْب من الشُّعوب فيما نَعلَم مثل بني إسرائيلَ في العُتوِّ والنُّفور والاستِكْبار، إلى حدِّ أنه لمَّا كُتِب عليهم القِتال قالوا لموسى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا} [المائدة: ٢٤] , ولَيْتَهم اقتَصَروا على ذلك {فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} سنَقعُد على الفُرُش ولا نَتحرَّك، وأنت وربُّك اذهَبْ فقاتِلا {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}.

فلهذا كان من الحِكْمة أن يَكون هذا الرَّسولُ على هذا النَّحوِ من الشِّدَّة؛ لمُناسَبة مَن أُرْسِلَ إليهم من فِرعونَ وبني إسرائيلَ.

فإن قال قائِلٌ: إذا ورَد بنو إسرائيلَ في القُرآن على سبيل التَّكريم أو ليس على سبيل الذَّمِّ، وإذا ورَد اليَهود فإنه على سَبيل التَّقريع وعلى سبيل الذَّمِّ. فهل هذا مُطَّرِد في القُرآن؟

فالجَوابُ: لا، ليس بصَحيح، الله يَذكُر بني إسرائيلَ بذُنوبهم وَيذُمُّهم {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} لم يَقُلْ: من اليهود. {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: ٤٧] , وآيات كثيرة.

وقوله: {بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ} "آياتنا" جَمع، تَدُلُّ على أنَّ مَعَهُ آياتٍ مُتَعَدِّدَةً

<<  <   >  >>