للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشياطين تَخدُمهم، حتى ذكَر شيخ الإسلام رَحِمَهُ اللَّهُ (١) أن بعض الناس يَقول: إني رأَيْتك أنت في عرَفةَ، أنت يا ابنَ تيميَّةَ. وهو في الشام لم يحُجَّ، يَقول: هذا الشَّيْطانُ يَتمَثَّل بي. يَقول: أنا ابنُ تَيميَّةَ. وَيقول للذي يجيء إليه: يَقول ابن تيميَّةَ: هذا حلال، وهذا حرام.

وقول الله تعالى: {إِلَى فِرْعَوْنَ} مُتعلِّق بإِرسالنا، وفِرعونُ هو حاكِم مِصرَ، الذي مَلَكها وسُلِّطَ على بني إسرائيلَ؛ فكان يُقَتِّل أَبناءَهُم ويَستَحيِي نِسَاءَهم، قيل: إنه كان يَفعَل ذلك من أَجْل أنه قيل له؛ أو قال له بعضُ الكَهَنة: إنه سيَكون في بني إسرائيلَ رجُل يَكون زوالُ مُلْكِك على يَدِه. هذا قول؛ وقول آخَرُ: إنه فعَل ذلك إِذْلالًا لهم وإهانةً؛ لأنَّه إذا قُتِّل الرِّجال وبقِيَت النِّساء هلَكَتِ الأُمَّةُ، وهذا القول أقوى، وذلك لأنَّ القول الأوَّل مُعتمَدُه النَّقْل عن بني إسرائيلَ، ومَعلوم أنَّ النَّقْل عن بني إسرائيلَ لا يُصدَّق ولا يُكذَّب، والمعنى المَعقول لكونه يُذَبِّحُ أبناءَهُم وَيستَحْيي نِساءَهم، هو إذلال هذا الشَّعبِ، وهو قِلَّةٌ بالنِّسبة للأَقْباط.

قوله: {إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ} هامانُ وزيرُ فِرعونَ، وقارونُ تاجِرُ آل فِرعونَ؛ لأن قارونَ كان غنِيًّا غِنًى عظيمًا، حتى قال الله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ} أي: من الذهَب والفِضَّة {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ} أي: الذي إن مِفاتِحَه {لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} [القصص: ٧٦] تَنوء يَعنِي: تَثقُل بهم؛ أي: تَثقُل، العَصَبة؛ أي: الطائِفة من الناس الأقوياء هذه مَفاتيحه.

إِذَنْ: فالخَزائِن كثيرة وعَظيمة {قَارُونَ} فقالوا: الضَّمير يَعود على الثلاثة، فِرعونَ وهامانَ وقارونَ {فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} {سَاحِرٌ} خبَرُ لمُبتَدَأ مَحذوف،


(١) انظر نحوه في: مجموع الفتاوى (١/ ٨٣، ١٣/ ٩٢).

<<  <   >  >>