بالوَليِّ، والوَليُّ بالساحِر! فيُقال: هذه مُغالَطة، لأن النبيَّ يَقول: إنه نبيّ. والذي ظهَرَت كرامةٌ على يَدِه يَقول: إنه ولىٌّ وليس بنَبيٍّ. والساحِر ليس نَبيًّا ولا وَليًّا، مَعروف بأنه فاسِقٌ مخُالِف للشَّرْع، فلا يُمكِن أن يَكون التِباسٌ.
فإن قال قائِل: بالنِّسبة لبعض الناس الذين يَعتَقِدون في المَشايخ، وكذا يَقولون: إن الشَّيْخ يَنفَع ويَضُرُّ، ولكن بإِذْن الله تعالى، فنُريد رَدًّا حاسِمًا عليهم، يَقولون: هم يَنفَعون وَيضُرُّون، ولكن بإِذْن الله.
فالجَوابُ: نَقول: أين الدَّليل على أن الله أَذِنَ لهم؟ فإن قيل: الدَّليل الحِسُّ، وهو كَثْرة حُصول هذا الشيءِ. قيل: كَثْرة حُصول هذا الشيءِ إمَّا أن يَكون شيئًا يُدرِكه كل إنسان، فلا مِيزةَ للمَشايخ مِثْل الدُّعاء يَدعو فيَستَجيب الله، وإمَّا أن يَكون شيئًا لا يُدرِكه الإنسان فهو من الشَّياطين، الشياطين تَخدُم هَؤلاءِ الشيوخ؛ لأنهم يُضِلُّون عن سبيل الله، والشَّيْطان لا يُريد منَّا إلَّا أن يُوقِع بينَنا العَداوة والبَغْضاء، وَيصُدَّنا عن ذِكْر الله فنَقول هذا، ولا شَكَّ أنهم يُضِلُّون العوامَّ، فيقولون: تَعالَ تُريد أن تَصير حِمارًا حصانًا، يَدعو الله عَزَّ وجلَّ ظاهِرًا، والشَّيْطان يُحوِّل هذا الحِمارَ إلى حصان بالرُّؤْية، يعني نوع من السِّحْر نَوْع بالتَّمويه، وهُمْ يَأكُلون أموال الناس بالباطِل.
وأنا سمِعْت من بعض الجِهات في إفريقيا المَشايخ يَقولون: إنه قد رُفِع عنَّا التَّكليف، لا أحَدَ يَصوم ولا نُصلِّي ولا نُزكِّي ولا شيء، ورُفِع عنَّا كل المُحرَّمات؛ ولهذا يَكون الواحِد منهم مثل التَّيْس يَتزوَّج خَمسين امرأةً أو أكثَرَ بعَقْد النّكاح، فهو وليٌّ مَرفوع عنه التَّكاليف، ويَقول: هذه التَّكاليفُ ما هي إلَّا وسائِلُ حتى تَصِل إلى الغاية، إذا وصَلت إلى الغاية بطَلَت التّكاليفُ، كالرجُل يَتَأهَّب إلى السفَر وَيركَب السَّيَّارة، أو يَأخُذ عصا الجمَل، فإذا وصَل إلى البَلَد رَماها -نَسأَل الله العافِيةَ-