قوله:{يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} أي: يُخفيه وُيسِرُّه خوفًا على نَفْسه، وفي قوله:{رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} هذه ثَلاث صِفات: مُؤمِن، من آل فِرعونَ، يَكتُم إيمانه.
وقد قال عُلَماء النَّحو: إنَّ النَّكِرة إذا وُصِفت أوَّل مرَّة فإن ما بعدَها يَجوز أن يَكون حالًا، ويَجوز أن يَكون صِفَة، وعلى هذا؛ فيَجوزُ أن يَكون {مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} حال، و {يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} حال، ويَجوز أن يَكون {مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} صِفة ثانية، و {يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} حال، ويَجوز أن تكون {مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} صِفة ثانية، و {يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} صِفة ثالِثة، {يَكْتُمُ إِيمَانَهُ}؛ أي: يُخفيه عن فِرعونَ وقومِه.
قوله:{أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} الاستِفْهام هنا للإنكار، يَعنِي: كيف تَقتُلون رجُلًا لم يَأتِ بشَيْء إلَّا أنه يَقول ربِّي الله؟ ! وهذا كقوله تعالى:{وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[البروج: ٨] , وقوله:{أَنْ يَقُولَ}(أن) هذه مَصدَرية على تَقدير اللَّام، ولهذا قدَّرها المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ بقوله:[أي: لأن يَقول] فعلى هذا تَكون (أن) مَنزوعة اللَّام، التي للتَّعليل؛ أي: بقوله ربِّي الله، لا فِرعونَ. وهم يَرَوْن أنَّ ربَّهم فِرعونُ.
قال المفَسِّر رَحِمَهُ الله: [{وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} بالمُعجِزات الظاهِرات من ربِّكم]، {وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} الباء للمُصاحَبة، والبَيِّنات صِفة لمَوْصوف محَذوف، وتَقديرها -خِلافًا للمُؤلِّف- الآيات، أي: جاءَكم بالآيات البَيِّنات، أي: الظاهِرات التي تَدُلُّ دَلالة قاطِعة على أنه نَبيٌّ.
قوله:{وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} هذا يُسمَّى عند عُلَماء المَنطِق (السَّبْر والتَّقْسيم)، لأن موسى الآنَ إمَّا