أن يَكون صادِقًا، وإمَّا أن يَكون كاذِبًا، وليس هناك رُتْبة بين الصدق والكذِب؛ لأنه هو يَقول: إنه رسول الله، فإمَّا أن يَكون صادِقًا في هذا، وإمَّا أن يَكون كاذِبًا، وعلى كلٍّ فإنه لا يَضُرُّكم أن تُصدِّقوه؛ ولهذا قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ} أي: ضرَر كذِبِه]، وسوف يُوقِع الله به الخِزيَ والعارَ لو كذَبَ على الله، قال الله تعالى:{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ}[الزمر: ٣٢] , والآيات في هذا المَعنَى كَثيرة، وأن الله تعالى يَهتِكُ سِرَّه ويُبيِّن كذِبَه؛ فيَكون كذِبُه عليه.
وقوله:{وَإِنْ يَكُ صَادِقًا} في أنه رَسول وكذَّبْتُموه أنتم أَصابَكم بعض الذي يَعِدُكم، قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[من العَذاب عاجِلاً]، وكذلك يُصِبْكم في الآخِرة آجِلاً؛ فصار الآنَ الخطَر عليه إن كان كاذِبًا وأنتُم سَوْف تَسلَمون، والخطَر عليكم إن كان صادِقًا، وهو سَوْف يَنجو.
وهذا لا شَكَّ أنه من تمَام نُصْحِه أنَّ الرَّجُل تَنزَّل مع آل فِرعونَ إلى هذا التَّنزُّل، لم يَقُل: إنه صادِق مع أنه كان يُؤمِن به، لكن هذا من باب التَّنزُّل.
وهنا قال:{أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا} ولم يَقُل: أتقْتلون مُوسى، إبعاداً للتُّهْمة عن نَفْسه؛ لئَلَّا يَظُنَّ أحَدٌ أنه كان يَعْرِفُ مُوسى وأنه يُدافِع عَنْهُ عَنْ مَعرِفة، ولكنه أتى بـ {رَجُلًا} النَّكرة إبهامًا للأمر وَشِدَّةً في إِخْفائه.
قوله:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ}{مُسْرِفٌ} أي: مُتَجاوِز للحَدِّ، {كَذَّابٌ} أي: ذو كَذِب، وهل هَذه الجُمْلة تَعليلية؟ وهل هي تَعود على مُوسى، أو تَعود على فِرعونَ؟
نَقول: هي صالحِة للأَمْرين، كل مَن كان مُسرِفًا كذَّابًا، فإن الله لا يَهديه، وهذا