بالكِتْمان، فتَجِب عليه الهِجْرة، ففي دِين الإسلام أن مَن كان لا يَستَطيع أن يَعيش إلَّا مخُفيًا دينه؛ فإنه تَجِب عليه الِهجْرة، ولكن بشَرْط أن يَكون قادِرًا عليها، فإن كان عاجِزًا فإن الله تعالى قال: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (٩٨) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: ٩٨ - ٩٩].
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: شِدَّة إنكار هذا المُؤمِن على فِرعونَ الذي هُدِّد بالقَتْل؛ لقوله:{أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ}[غافر: ٢٨].
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: الإنكار على مَن عمِل عمَلًا بدون سبَب يَقتَضيه؛ يُؤخَذ من قوله:{أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} وهذا ليس سبَبًا للقَتْل، بل على الأقَلِّ يُترَك وشَأْنه، أمَّا أن يُقتَل لهذا السبَبِ فإن هذا مُنكَر، ولا يَجوز إقرارُه.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: العُدول عن التَّعيين خوفًا من التُّهْمة، أو إن شِئْت فقُلِ: استِعْمال المَعاريض؛ لقوله:{أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا} ولم يَقُل: أتقْتُلون موسى؛ لأنه لو عَيَّنه باسمه لاتَّهَمه النَّاس بأنَّ له صِلة به، وفسَد ما يُريد، لكِنَّه أَبهَمه وقال:{أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} إلى آخِره.
فإن قال قائِل: ما مَعنَى المَعاريض؟
فالجَوابُ: المَعاريض مَعناها: أن تُؤدِّيَ بشيء خِلاف الواقِع، أي: يَعنِي كأن يَقول: متى تَجوز المَعاريضُ؟ تَجوز المَعاريضُ إذا كان فيه مَصلَحة، أو دَفْع مَضرَّة، واستِعْمال المَعارِيض على ثلاثة أَوْجُه: الوَجْه الأوَّل: الظُّلْم. والثاني: دَفْع الظُّلْم. والثالِث: ما ليس فيه هذا ولا هذا.