للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الظُّلْم: هو أن يَستَعمِل الإنسان المَعاريض لدَفْع حَقٍّ عليه.

ودَفْع الظُّلْم: أن يَستَعمِل المَعاريض لدَفْع ظُلْم عن نَفْسه.

وما ليس كذلك ولا كذلك: مثل أن يَستَعمِلها في الأمور المُباحة.

مِثال الأوَّل: تَخاصَم زَيدٌ وعَمرٌو عند القاضِي، وكان عند عَمرٍو لزَيْد مِئة دِرهَمٍ؛ فقال القاضي للمُدَّعي: ألَكَ بَيِّنة؟ قال: لا. قال: لك اليَمين على صاحِبك، فقال المُدَّعَى عليه: والله ما عِندي له شيء. ظَاهِرُ اللَّفْظ النَّفيِ، لكن هو في قلبه نَوَى الإثبات، ونوَى بـ (ما) الذي، وتَقدير الكَلام على نِيَّته: والله الذي له عِندي شيء. وهذا صَحيح، له عِنده شيء، لكن هو ورَّى بأن (ما) نافِية، وأنه ليس عِنده شيء، فالقاضِي سَوْف يَحكُم بأنَّها نافِية، حَسب ظاهِر الحال، هذا هي المَعروضة، نَقول: إنها حَرامٌ، لأنَّه تَوصَّل بها إلى إسقاط حقٍّ عليه.

وكذلِك أيضًا في الدَّعْوة لو قال له خَصْمه: أنا أَرضَى منك أن تَحلِف أن لكَ عِندي شيئًا، فحلَف مُورِّيًا؛ فإنه حرام عليه.

أمَّا دَفْع الظُّلْم: فمثل: أن يَحلِف على دَفْع الظُّلْم عن نَفْسه أو غيره، مِثال ذلك: دَخَل عليه لِصٌّ، أو جُنديٌّ ظالِم، يُريد أن يَأخُذ ماله فقال: افتَحْ لي هذا الصُّندوقَ. فقال والله: ما في هذا الصُّندوقِ شيء، المُخاطَب سوف يَظُنُّ أنَّ الجُمْلة نافِية فيَنصرِف، وهو يُريد بها الإِثْبات، فهذه التَّوْرية لا شَكَّ في جَوَازِها، بل إذا كان المالُ للغير مثل أَنْ يَأتِيَ شخص ويَقول: فُلان عِندك له كذا وكذا. فأَقول: والله ما عِندي له شيء، أَعرِف أنه لو أَقرَرْت لأَخَذَها.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنَّ موسى عَليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أتى بالآيات البَيِّنة، التي يُؤمِن على

<<  <   >  >>