للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثلها البَشَر؛ لقوله: {وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ}.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنةُ: قُوَّة إيمان هذا الرجُلِ، حيث جابَهَ هؤلاءِ بإنكار رُبوبية فِرعونَ ضِمْنًا، يُؤخَذ من قوله: {مِنْ رَبِّكُمْ} فجابَهَهم بأنَّ لهم ربًّا سِوى فِرْعَونَ، وهذا يَدُلُّ على قُوَّة هذا الرجُلِ، أمَّا قوله: {أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} فلَيْس فيها دليلٌ؛ لأن رُبوبية الله عَزَّ وجلَّ لمُوسى ليس فيها شيء من الإنكار، لكن {مِنْ رَبِّكُمْ} واضِح أنه يُعَرِّض بأن فِرعونَ ليس بربٍّ، وأنَّ الرَّبَّ هو الله، وهذا يَدُلُّ على كَمال شَجاعة هذا الرجُلِ.

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: استِعْمال السَّبْر والتَّقْسيم، يَعني: التَّرديد بين حالَيْن أو أحوال لا يَزيد الأَمْر عليهم، لقوله: {وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا}، و {وَإِنْ يَكُ صَادِقًا}.

الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: مُراعاة الخَصْم فيما يُؤلِّفه ويُقرِّبه، لأنه بَدَأ بما كانوا يَعتَقِدون، وهو كذِبُ موسى، فبَدَأ بالكَذِب قبل أن يَبدَأ بالصِّدْق من أَجْل تَأْليفهم، وبَيان أنَّ الرجُل ليس عِنده تَعصُّب لمُوسى؛ ولهذا لم يَبدَأ بالصِّدْق الذي هو أحَدُ الاحتِمالين.

الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: جواز التَّورِية، لقوله: {وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا} وقوله: {وَإِنْ يَكُ صَادِقًا}؛ لأنَّنا نَعلَم أنَّ هذا الرَّجُلَ يَعتَقِد أنه صَادِق، لكنه أتى بهذا الكلامِ تَوْرِية بأنه ليس بمُؤمِن به، وذلك من أَجْل قَبول كلامه؛ لأنهم لو شَعَروا بأنه مُؤمِن به لقَتَلوه، مُؤمِن بمُوسى وهُو مِن آلِهِم، ولكِنه أتى بالكَلام الدالِّ على التَّوْرية.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: أنَّ شُؤم الكَذِب يَعودُ على الكاذِب، وهو كذلك، لقَوْله: {وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ} وقد فضَح الله عَزَّ وجلَّ الكاذِبين المُفتَرين عليه، فضَحهم في الدنيا، وسيَفضَحهم في الآخِرة.

<<  <   >  >>