للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكتُب المُنزَّلة، وإمَّا بواسِطة التاريخ المَنقول. وَيدُلُّ لذلك قوله: {يَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ}؛ لأنه لا يُمكِن أن يُخوِّفهم بأَمْر لا يَعرِفونه، ولو كان الأَمْر كذلك، لقالوا: ما هذه الأيامُ؟ أو ما هذا الجزاءُ؟ .

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنَّه يَنبَغي للإنسان أن يَكون عِنده عِلْمٌ بأحوال الأُمَم السابِقة، من أَجْل أن يَكون مُعتَبِرًا بمَن مَضى فيمَن بَقِيَ، وعلى هذا فعِلْم التاريخ عِلْم مُهِمٌّ، ولكن يَجِبُ أن نَعلَم أنَّ التاريخ أَصابه شيء من الوَضْع -أي: من التَّحريف والتَّغيير، والكَذِب، والزّيادة والنّقص- فعلي الإنسان أن يَحتاط في هذا، حتى لا يَنقُل أو لا يَروِيَ إلَّا الصحيح.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ قوم نُوحٍ وعادًا وثَمودَ كانوا أوَّلَ الأحزاب؛ لقوله: {وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ}.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: تَحذير اللاحِق أن يُصيبَه ما أَصاب السابِق؛ لقوله: {مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (٣٠) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ}.

ووجهُ ذلك: أنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سُنَّتُه في خَلْقه واحِدة، هو لا يُعذِّب هؤلاء لأنه يَكرَههم شخصيًّا، يُعذِّب هؤلاءِ لأنه يَكرَه عمَلهم، فإذا وجَد عمَلهم في آخَرين فالكَراهة حاصِلة، واذْكُرْ قول الله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} [محمد: ١٠].

وحذَّر شعيبٌ عليه السلام قومَه أَنْ يُصيبَهم ما أَصاب مَن قبلَهم.

فالحاصِلُ: أنَّ الأُمَم لَا بُدَّ أَنْ يَتَّعِظ اللاحِق بالسابِق، بِناءً على أن سُنَّة الله واحِدة.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنةُ: انتِفاء إرادة الله الظُّلْم لعِباده، وما الله يُريد ظُلْمًا للعِباد، ومَعلوم

<<  <   >  >>