للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم يَستَفيدوا، أو هي من كَلام المُؤمِن؟ إن كانت من كَلام الله فلا إشكالَ، إلَّا أنَّها حالَت بين الكلام أوَّله وآخِره، وهذا لا يَضُرُّ لأنَّ الجُملة الاعتِراضِية تَأتِي كثيرًا، وإن كانت من كلام الرَّجُل فهنا مَحَلُّ الإشكال.

وقوله: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (مَنْ) هذه شَرْطية، وفِعْلُ الشَّرْط يُضلِل، وحُرِّك بالكَسْر؛ لالتِقاء الساكِنَيْن، وجواب الشَّرْط جُملة: {فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} وقُرِن بالفاء؛ لأنه لا يَصلُح أن يَكون فِعْلًا للشَّرْط، وكلُّ جَواب لا يَصلُح أن يَكون فِعْلًا للشَّرْط فإنه يَجِبُ أن يَقتَرِن بالفاء، كما قال ابنُ مالِكٍ:

وَاقْرُنْ بِفَا حَتْمًا جَوَابًا لَوْ جُعِلْ ... شَرْطًا لإِنْ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يَنْجَعِلْ (١)

وذكَروا له سِتَّة ضَوابِطَ مَجموعةً في قوله:

اسْمِيَّةٌ طَلَبِيَّةٌ وَبِجَامِدٍ ... وَبِما وَقَدْ وَبِلَنْ وَبِالتَّنْفِيسِ (٢)

فهذه الجُمَلُ السِّتُّ إذا وقَعَت جوابًا للشَّرْط فإنه يَجِب أن يَقتَرِن بالفاء، وهنا الجُملة هي مُصَدَّرة بـ (ما)، وإن شِئْت فقُلْ: إنها جُمْلة اسمِية، ولا مانِعَ من أن يُوجَد سبَبان لحُكْم واحِد.

وقوله: {مِنْ هَادٍ} أَصلُها: من هادِي؛ بالياء، فحُذِفَت الياء للتَّخفيف.

يَقول الله عَزَّ وَجَلَّ: إن مَن يُضلِل الله أي: مَن كتَبَ الله إضلالَه فإنه لا أحَدَ يَهديه؛ لأن الذي يَهدِي ويُضِلُّ هو الله، بيَدِه الأمرُ كلُّه، ولكن ليُعْلَم أنَّه لا يَهدِي أحَدًا إلَّا لحِكْمة، ولا يَضِلُّ أحَدًا إلَّا لحِكْمة، فمَن كان أهلًا للهِداية هَداه، ومَن كان أهلًا


(١) الألفية (ص: ٥٨).
(٢) غير منسوب، وانظر النحو الوافي (٤/ ٤٦٣).

<<  <   >  >>