للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحبُّ إليك؟ قال: "أَبو بَكْرٍ" (١) فعلى قاعِدتهم يَكون الرسول مُبغِضًا لعِليٍّ، فانظُرْ كيف كانت عاقِبة هذه القاعِدةِ الفاسِدة الباطِلة.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: جواز نِسبة الشيء إلى الآمِر به دون فاعِله، تُؤخَذ من قوله: {ابْنِ لِي صَرْحًا} وهو لا يُريد أن هامانَ يَتَولَّى البِناءَ بنَفْسه، بل يَأمُر؛ لأنه وزير.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: إثبات عُلوِّ الله تعالى العلوَّ الذاتي للشَّرائِع السابِقة، يُؤخَذ من قوله: {ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ} فهذا يَدُلُّ على أن موسى -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد أَبلَغه بأن الله في السماء.

وعُلوَّ الله الذاتي أَمْر لا يُنكَر؛ لأنه دلَّت عليه جميع الدَّلائِل: الكِتاب، والسُّنَّة، والإجماع، والعَقْل، والفِطْرة، كلُّها دلَّت على عُلوِّ الله عَز وجلَّ العُلوَّ الذاتيَّ، وأنه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في السماء، وأنه لا يُمكِن أن يَكون في الأرض، ونحن نُركِّز على هذه النّقطةِ لأهميتها؛ لأنها تَتَعلَّق بالعَقيدة، أمَّا القُرآن فما أكثَرَ الأدِلَّةَ المُتنوعة الدالَّة دَلالة قاطِعة على علوِّ الله الذاتيِّ! وكذلك السُّنَّة دلَّت على ذلك قولًا وفِعلًا وإقرارًا، فالنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَثبَتَ علوَّ الله الذاتيَّ بقوله وبفِعله وبإقراره.

أمَّا بقوله فإنه - صلى الله عليه وسلم - يَقول في سُجوده: "سُبحانَ ربِّي الأَعْلى" (٢)، وأمَّا في فِعْله فأَشار إلى علوِّ الله تعالى في الوقوف بعرَفة حين خطَب الناس وقال: "اللَّهُمَّ


(١) أخرجه البخاري: كتاب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت متخذًا خليلًا"، رقم (٣٦٦٢)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، رقم (٢٣٨٤)، من حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، رقم (٧٧٢)، من حديث حذيفة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>