وهو لا يُخلِف المِيعاد، لكِنَّه يَحتاج إلى سبَب أن يَكون من المُؤمِن عمَل مُضادٌّ، وأن المُؤمِن إذا عمِل العمَل المُضادَّ لكَيْد الكافِرين يَثقُ بوَعْد الله وَيقول: إن هذا الكَيْدَ سيَكون عليهم وَهُم في خَسارة منه، أمَّا أن نَقول: إن الله يَكيد لهم وهم المَكيدون. ولكننا نَنام على فُرُشنا ونَدَعُ السِّباع تَأكُل الغنَم؛ فهذا غير صَحيح لا بُدَّ من عمَل {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ}[محمد: ٧]{وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ}.
فإن قال قائِل: صَحيح أن بعض المفَسِّرين قال: إن هامانَ لم يَبْنِ لفِرعونَ صرحًا؟
فالجَوابُ: هذا لا يَظهَر؛ لأن كونه يَقول: ابْنِ لي صَرْحًا. ولا يَبنِيه هذا بَعيد، إذ إنه سيقول والناس يَسمَعون، إمَّا أن يَكونوا حاضِرين، أو يَبلُغهم الخبَر وسيَبنِي الصَّرْح.
فإن قال قائِل: لماذا نَقول: إن فِرعونَ استَفاد أن الله سُبحَانَهُ وَتَعالى في السماء من موسى، أوَ لَا يَكون هذا من فِطْرته؟
فالجَوابُ: سَواءٌ كان بفِطْرته أو بدَعْوة موسى، لكنه إذا قُلْنا: بدَعْوة موسى. لم يَبقَ علينا شيء، أمَّا بفِطْرته فقد تكون انحرَفَت كما جاء في الحَديث:"فَأبوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ"(١) لكن الشيء المُؤكَّد لدَيْنا الآنَ هو قول موسى وتَقريره بأن الله في السماء.
* * *
(١) أخرجه البخاري: كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه، رقم (١٣٥٨)، ومسلم: كتاب القَدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، رقم (٢٦٥٨) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.