للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النوع الثاني: أن لا يَراه سَيئًا فيَميل إليه بهَواه، ويَقول: هذا سَهْل، وليس فيه شيء، هذا من التَّزْيين في الواقِع؛ لأن مَن لا يَرَى السيئ سيئًا فإنه ستقَع فيه إمَّا رَغبةً فيه؛ لأنه زُيِّن له، وإمَّا لهَوًى في نَفْسه؛ لأنه لا يَراه سيئًا.

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أن فِرعونَ يَصُدُّ الناس عن سَبيل الله، فهو من أئِمَّة الصَّدِّ عن سبيل الله تعالى، وقد قال الله تعالى في آية أخرى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (٤١)} [القصص: ٤١] فاحذَرْ هؤلاءِ الأَئِمَّة لا يَخدَعونك، فإنهم يَكيدون كيدًا، والله تعالى يَكيد كيدًا لعَبْده المُؤمِن.

الْفَائِدَةُ الْعَاشرَةُ: أن فِرعونَ أَمَر ببِناء هذا الصَّرْحِ مُكايَدةً لا حَقيقةً، وإلَّا فمِن المَعلوم أنه سوف يَخسَر نَفَقاتٍ كثيرةً على هذا الصَّرْحِ العالي، لكنه لغرَضه وهَواه لا يَهتَمُّ بذلك.

الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: أن كَيْد المُضلِّين -والحمد لله- في خَسارٍ، كل مُضِلٍّ فكَيْده في خَسارة؛ لأنه إذا كان كَيْد هذا الطاغِيةِ في خَسارٍ فمَن دونه مِن بابِ أَوْلى ولا شَكَّ؛ ولهذا حصَر كَيْده في الخَسار ما هو إلَّا في خَسار، وقال الله تبارك وَتَعَالى: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (١٥) وَأَكِيدُ كَيْدًا} [الطارق: ١٥، ١٦]؛ أي: كيدًا أَعظَمَ من كَيْدهم، وقال تعالى: {أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (٤٢)} [الطور: ٤٢]، وهذه من أَعظَم الآيات التي تُفرِح المُؤمِن أن كَيْد الكافِر يَجعَله هو المَكيد، وجاء في الآية بالجُمْلة الاسمية: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ} وبضَمير الفَصْل، إشارة إلى ثُبوت ذلك عليهم، وتَأكُّده إلى ثُبوته بكونه جاء بالجُملة الاسمية؛ لأن الجُملة الاسمية كما يَقول أهلُ العِلْم تُفيد الثُّبوت والاستِقْرار، وجاءَ بالحَصْر عن طريق ضمير الفَصْل: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ}.

وهذه الآياتُ - والحمدُ لله - تُفرِح المُؤمِن، لكن لاحِظوا أن هذا وَعْد الله عَزَّ وَجَلَّ

<<  <   >  >>