الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن السَّمواتِ جَمْع وعدَد؛ لقوله:{السَّمَاوَاتِ} وهي كما هو مَعروف سَبْعة، قال الله تعالى: {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (١٢)} [النبأ: ١٢]، وقال تعالى:{قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ}[المؤمنون: ٨٦]، وهذا مُتَّفَق عليه، والسَّمَوات هذه بَيْنها فجَوات، ويَدُلُّ على ذلك دَلالة قاطِعة حديثُ المِعراج (١)، فإن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يَعرُج من سماء إلى سماء.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أن رُؤَساء الضَّلال وأئِمَّة الضَّلال يَدْعون الناس إلى الضَّلال بكل ما يَستَطيعون، ويُحاوِلون أن يَحولوا بينهم وبين الحقِّ، لقوله:{وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} وقد بيَّنَّا في التفسير لماذا قال هذه الكلِمةَ، فلا تَغتَرَّ برُؤساء الضلال وأئِمَّة الضلال وما يَقولون من التَّمويه والدجَل، وليس هذا مَقصورًا على أئِمَّة السُّلْطة الذين لهم السُّلْطة، بل حتى على أَئِمَّة الدَّعْوة الذين يَدْعون الناس إلى أفكارهم الهدَّامة وأخلاقهم السافِلة، تَجِد عِندهم من التَّمْويه والتَّضْليل ما يُوجِب أن يَكون فخًّا يَقَع فيه مَن ليس له بَصيرة.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنةُ: أن الله عز وجل يَبتَلي العَبد فيُزيِّن له سُوء عمَله؛ لقوله:{وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ} ويَدُلُّ لهذا قولُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالى: {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ}[الأنعام: ١٠٨]، وقوله تعالى:{أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ}[فاطر: ٨]، فاحرِصْ على الانتِباه لهذه المَسأَلةِ، فإن الإنسان قد يُزيِّن له سوء العمَل، والتَّزيِين نَوْعان:
النَّوْع الأوَّل: أن يَرَى الإنسان هذا السيِّئ حسَنًا، وهذا أعظَمُ النَّوْعين.
(١) أخرجه البخاري: كتاب التوحيد، باب قوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}، رقم (٧٥١٧)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى السماوات، رقم (١٦٢)، من حديث أنس - رضي الله عنه -.