للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القَرار، (هي) ضَمير فَصل، و {دَارُ الْقَرَارِ} خبَر (إن)، واعلَمْ أن ضَمير الفَصْل ضَمير لا محَلَّ له من الإعراب لا يُعرَب مُبتَدَأ ولا خبَرًا، ولا أي شيء، لا محَلَّ له من الإعراب، واعلَمْ أيضًا أن له ثلاثَ فَوائِدَ:

الفائِدة الأُولى: التَّوْكيد.

والفائِدة الثانِية: الحصْر.

والفائِدة الثالِثة: تمَييز الخبَر من الصِّفة.

وَيظهَر هذا بالمِثال، فإذا قلت: زَيدٌ هو الفاضِلُ. فهو ضَمير فَصل استَفَدْنا منه ثلاث فَوائِدَ: أوَّلًا: التَّوْكيد حيث أكَّدْنا أن زيدًا هو الفاضِلُ، بل حيث أكَّدنا أن زيدًا فاضِلٌ، ثُم الحَصْر؛ لأنك قُلت: زيد هو. أي: لا غير زيد هو الفاضِل، الفائِدة الثالِثة: التَّمييز بين الصِّفة والخبَر، فإنك لو قُلت: زيدٌ الفاضِل. لاحتُمِل أن يَكون (الفاضِل) صِفة لـ (زيد) وأن الخبر لم يَأتِ بعدُ، فإذا قلتَ: هو الفاضِل. تَعيَّن أن تكون الفاضِلُ خبَرًا، فبذلِك يَحصُل التَّمييز بين الخبَر وبين الصِّفة.

وضَمير الفَصْل لا محَلَّ له من الإعراب، ودليل ذلك قوله تعالى: {لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (٤٠)} [الشعراء: ٤٠]، فهُنا جاءَت {الْغَالِبِينَ} خبَرًا لـ (كان)، ولو كان له مَحلَّ من الإعراب لكانت: إن كانوا هُمُ الغالِبون. لكنه ليس له محَلٌّ من الإعراب، إِذَنْ ما هي دار القَرارِ؟

هي الدار الآخرة، وأكَّد ذلك بالإتيان بضَمير الفَصْل، وأن الدار الآخرة هي دار القَرار؛ أي: دار المُستَقَرِّ؛ ولهذا يُؤتَى بالمَوْت على صورة كَبْش فيُوقَف بين الجَنَّة والنار، ويُقال: "يَا أَهْلَ النَّارِ! فَيَشْرَئِبُّون ويَطَّلِعون، وكذلك يُقال: يا أَهْل الجَنَّة!

<<  <   >  >>