للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله تعالى على النَّهيِ عن الظُّلْم فيها، فقال: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: ٣٦]، فإن السَّيِّئة لا تَزال.

ولكن اعلَموا أنها قد تكون أشَدَّ من حيثُ الكَيْفيَّة لا من حيثُ الكِمِّية. يَعنِي: أننا نرى أن ضَرْبة واحِدة قد تكون أشَدَّ على الإنسان من عَشْر ضرَبات بشِدَّتها وشِدَّة وَقْعها؛ ولهذا قال الله تعالى في الحرَم المكِّيِّ: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: ٢٥]، وبهذا التَّقريرِ الذي دلَّ عليه الكِتاب والسُّنَّة تَبيَّن أن ما يُذكَر عن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - أنه خرَج من مكَّةَ وقال: لا أَبقَى في بلَد سَيِّئاته وحَسَناتُه سواءٌ. فإن هذا لا يَصِحُّ عن ابن عباس - رضي الله عنه -، وابنُ عباس أفقَهُ وأَعلَمُ من أن يَلتَبِس عليه هذا الأمرُ، مع أن الله قال في سورة الأنعام وهي مكِّيَّة: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (١٦٠)} [الأنعام: ١٦٠].

قوله: {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} {وَمَن} هذه شَرْطية، و {صحَيحًا} يَجوز أن نُعرِبها صِفة لمَوْصوف محَذوف، والتَّقدير: عمَلًا صالحًا، ويَجوز أن نَجعَلها مَفعولًا مُطلَقًا؛ لأن وَصْف المَصدَر المحذوف يَصِحُّ أن يَقَع الإعراب عليه على أنه مَفعول مُطلَق، أو على أنه صِفة لمَوْصوف محَذوف، والتَّقدير: عمَلًا صالِحًا.

والعمَل الصالِح ما تَوافَرت فيه شُروط القَبول، وذلك بأن يَكون خالِصًا لله على شَريعة الله، بأن يَجمَع بين أَمْرين: الإخلاص لله، والمُتابَعة لرُسُله عليهم الصلاة والسلام، هذا العمَلُ الصالِح.

إِذَنْ هو ما تَوافَرت فيه شُروط القَبول وهُما:

الأول: الإخلاص لله عَزَّ وَجلَّ.

<<  <   >  >>