للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإيمان أوَّلًا، ثُم إذا آمَنْت فاعمَل، وإذا عمِلْت فأَخلِص واتَّبعْ.

قوله: {فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ} جُملة {فَأُولَئِكَ} جَواب الشَّرْط، وهو {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا} {فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ} وهُنا قال: {فَأُولَئِكَ} باسْمِ الإشارة المَوْضوع للبعيد، إشارة إلى عُلوِّ مَرتَبَتهم، كأنَّك تُشير إليهم وهم فَوقُ {فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ}، قال المفَسِّر رَحِمَهُ الله: [بضَمِّ الياء وفَتْح الخاء "يُدْخَلُونَ"، وبالعَكْس] أي: {يَدْخُلُونَ} فيَجوز "يُدْخَلُونَ" أي: يُدخِلهمُ الله، ويَجوز {يَدْخُلُونَ} أي: هُمْ بأَنفُسهم لكن بإِذْن الله.

ومن المَعلوم أن أهل الجنَّة لا يَدخُلون الجنَّة إلَّا بعد الشَّفاعة، بعد شَفاعة محُمَّد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في فَتْح الجَنَّة؛ لأنهم يَصِلون إليها وبابها مُغلَق فيَطلُبون مَن يَشفَع لهم إلى الله عَز وَجلَّ أن يَفتَح لهم البابَ، فيَشفَع لهم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وحدَه في أن يُفتَح لهم البابُ فيُفتَح.

قوله: {يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} {يُرْزَقُونَ} الرِّزْق بمَعنى: العَطاء، ومنه قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ}؛ أي: أَعطُوهم، فمَعنَى {يُرْزَقُونَ} إِذَنْ: يُعطَوْن، وقوله: {بِغَيْرِ حِسَابٍ}؛ أي: بغَيْر تَبْعة، يَعنِي: لا يُحاسَبون عليه، ولا يَنقُدون له ثمَنًا، في الدُّنيا لا تمَلِك رِزْقًا إلَّا بثمَن، لكن في الآخرة تُعطَى الرِّزْق بغير ثمَن وبغَيْر تَبْعة، لا تُحاسَب عليه؛ لأن الثَّمَن كان مُقدِّمًا سَلمًا وهو نَقْد الثمَن وتَأْخير المُثمَّن، فهُنا الثمَن مُقدَّم، الثمَن كان في الدنيا حين عمِلوا بطاعة الله، فكان هذا هو العِوَضَ، فالقوم قد أَسلَموا في هذا المَبيعِ وقدَّموا ثمَنه؛ ولهذا قال: {يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ}.

<<  <   >  >>