للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَعظَمُ من البِدْعة، وقيل: إن البِدْعة أشَدُّ وأَعظَمُ؛ لأن الله قال: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)} [الأعراف: ٣٣]، والآية بالتَّدريج من الأدنى إلى الأعلى، وصاحِب البِدْعة يَضُرُّ نَفْسه وَيضُرُّ غيره؛ لأنه يَكون إمامًا يَدعو إلى مخُالَفة الرُّسُل، والذي يَظهَر أن الشِّرْك من حيثُ هو شِرْك أَعظَمُ، لكن قد يَكون المُترتِّب على البِدْعة أشَدَّ من المُترتِّب على الشِّرْك.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن الذُّكور والإناث مشتَرِكون في الثواب والعِقاب، بمَعنى أن الله لا يُعاقِب الأنثى أكثَرَ من عُقوبة الرجُل، ولا الرجُل أكثَرَ من عُقوبة الأنثى، وكذلك لا يجَزِي الرجُل أكثَرَ من جَزاء الأنثى، ولا الأنثى أَكثَرَ من جزاء الرجُل؛ لقوله في هذه الآيةِ: {مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى}، ونَظيرها قوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} [آل عمران: ١٩٥].

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن العمَل الصالِح لا يَنفَع إلَّا مَبنيًّا على الإيمان؛ لقوله: {وَهُوَ مُؤْمِنٌ} والجُمْلة كما تُعرِبونها أيُّها المُعرِبون، الجُمْلة في مَوضِع نَصْب على الحال يَعنِي: والحال أنه مُؤمِن، وبِناءً على هذا نَسأَل: هل عمَل المُنافِق يَنفَعه؟

والجَوابُ: لا، لفَقْد الإيمان فهو غير مُؤمِن، وهل الإيمان أن تُؤمِن بالله ومَلائِكته وكتُبه ورُسُله واليوم الآخِر والقَدَر خَيرِه وشَرِّه، أو هو إيمان وراءَ ذلك كلِّه؟

الجوابُ: الثاني، فمن جُملة الإيمان الذي يَجِب أن تَكون الأعمال الصالحِة مَبنِيَّة عليه أن تُؤمِن بالثواب على العمَل، ولهذا إذا عمِل الإنسان العمَل الصالِح وهو يَرجو هذا الثَّوابَ، لا شَكَّ أنه سيَزداد رَغْبة في العمَل، وسيَزداد إحسانًا للعمَل؛ لأنه يَعرِف أن السِّلْعة على قَدْر الثَّمَن، فإذا كنت تَعمَل وأنت تَشعُر بأنك ستُجازَى

<<  <   >  >>