للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الغرَق] (حاقَ) بمَعنَى: نزَل، لكن تَشعُر بأنها ليسَت بمَعنَى: نزَلَ من كلِّ وَجْه، وأن تَفسيرها بالنُّزول تَفسير تَقريبيٌّ، (حاق): القاف قَريبة من الطاء فكأن المَعنَى: حاط بهم، وهذا أَشَدُّ من نزَلَ، فالظاهِر أن (حاقَ) بمَعنَى: نزَلَ محُيطًا بهم، وليسَت بمَعنَى: نزَل على وجه مجُرَّد بدون إضافة مَعنًى.

وقوله: {بِآلِ فِرْعَوْنَ} قال المفَسِّر رَحِمَهُ الله: [قومِه]، وقال غيرُه: أَتباعِه، والظاهِر أنَّ المعنى مُتقارِب؛ لأن الذين اتَّبَعوه إنما هم قَوْمه، وأمَّا بنو إسرائيلَ فإنهم لم يَتَّبِعوه، بل كان يَذبَح أبناءَهُم ويَستَحْيِ نِساءَهم.

وقول المفَسِّر رَحِمَهُ الله: [مَعَه] ذكَرَها لئَلَّا يَظُنَّ الظانُّ أن العَذاب نزَل بآل فِرعونَ دونه، ولكن هذا لا يُمكِن أبدًا، إذا كان آلُ فِرعونَ إنَّما نزَل بهم العَذاب؛ لأنهم كفَروا بالله، ففِرعونُ أَكفَرُ بالله من هَؤلاءِ، ثُم إنَّ الظاهِر أن الإنسان إذا قال: أَكرِمْ آل فُلان. فإن فُلانًا هو مُقدَّمهم، ولا بُدَّ أن يَدخُل فيهم لُغَة.

وقوله: {سُوءُ الْعَذَابِ} هذا أيضًا من باب إِضافة الصِّفة إلى مَوْصوفها. أيِ المَعنَى: العَذاب السَّيِّئ، وفسَّره المفَسِّر بأنه الغرَق، وهذا لا شَكَّ أنه من سُوء العَذاب، لكن هناك عَذابات أُخرى أُصيب بها آلُ فِرعونَ: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٣٠)} [الأعراف: ١٣٠]، وقال تعالى: {(١٣٢) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ} [الأعراف: ١٣٢، ١٣٣]، كل هذا من سُوء العَذاب؛ الطّوفان ليُغرِق ما بُذِر من نَباتهم، والقُمَّل لأَجْل أن يَفسُد ما ظَهَر، والضَّفادِع لتُفسِد الماء؛ لأنَّهم صاروا كلَّما أَخَذوا إناءً يَشرَبونه وجَدوا هذه الضِّفادِعَ قد ملأته، والدم هو نَزيف الدَّمِ إمَّا من الأنف أو من غيره، فعُوقِبوا من كل وَجْه، ففي الزُّروع: غَرَق،

<<  <   >  >>