للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيما ما ادخَّروه: قُمَّل، وفي الماء: ضَفادِعُ، وبعد أن يَصِل إلى الجِسْم ويَتَغذَّى به الجِسم: يَخرُج يَنزِف دمًا، فهَلكوا.

وهذا فيه التَّرْتيب والدرَجات: الطُّوفان غرَق الزُّروع، والجَراد تَأكُل الزرع، الطوفان يُغرِق ما بُذِر، والجراد يَأكُل ما ظهَر، والقُمَّل يُفسِد ما ادُّخِر، والضَّفادِع تُفسِد الماء، والدمُ وهو النَّزيف تُذهِب ما حصل من الغِذاء بالطَّعام الذي يُقدَّر أنه سلِمَ من هذه الآفاتِ، فهذا من سوء العَذاب، والنِّهاية هي الغَرَق: أنَّ الله أَغرَق آل فِرعونَ بالبَحْر.

وقوله: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} هذه الجُملةُ مُستَأنفة، فـ {النَّارُ} مُبتَدَأ، و {يُعْرَضُونَ} الجُمْلة خبَرُها.

وقوله: {يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا}، ليس مَعناها أنها تُحرِقهم؛ لأن الله لو أَراد ذلك لقال: النار يَصلَوْنها غُدُوًّا وعَشيًّا، لكنهم يُعرَضون عليها، فيَأتِيهم مِن سَمومها وعَذابها ما لا يُطيقون -والعِياذُ بالله- يُعرَضون عليها غُدُوًّا في الصباح، وعَشِيًّا في المَساء، والظاهِر أنَّ المُراد الدوام، ويُحتَمَل أن المُراد هذان الوَقْتان فقَطْ.

فأمَّا الأوَّل: فقَدْ يُستَدَلُّ له بقوَّل الله تبارك وتعالى: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: ٦٢] يَعنِي في كل الزَّمَن.

وأمَّا الثاني: فيُمكِن أن يُقال: إن هذا ظاهِر اللَّفْظ؛ أي: في أوَّل النَّهار وآخِره، وأنهم يُعرَضون على النار أوَّل النهار، ثُم إذا صُرِفوا عنها أَمَّلوا أنَّها لا تَعود إليهم فتَعود إليهم، فيَكون هذا أشَدَّ من الاستِمْرار؛ لأنَّ كون الإنسان يُؤمِّل ارتفاع العَذاب عنه ثُم يَعود أشَدَّ من كَوْنه مُستَمِرًّا آيِسًا من زواله؛ ولهذا قال الله تعالى في أصحاب النار: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} [السجدة: ٢٠].

<<  <   >  >>