حين يَقولون لرَبِّهم عَزَّ وَجَلَّ: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (١٠٧) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: ١٠٧ - ١٠٨] حينَئِذٍ يَتوسَّلون بغَيْرهم أن يُكلِّموا الله، يَقولون:{ادْعُوا رَبَّكُمْ} ولم يَقولوا: ادْعُوا ربَّنا؛ لأنهم قد كُسِروا من جِهة ربِّهم، قال لهم:{اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} لكِن تَوسَّلوا بعد ذلك بدُعاء بطلَب من المَلائِكة أن يَدْعوا الله لهم {ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ}.
قوله:{يُخَفِّفْ} بالجزْم جَوابًا للأَمْر وهو قوله: {ادْعُوا} وأَقول: للأَمْر باعتِبار صِيغته، وإلَّا فهو في الحقيقة دُعاءٌ وسُؤال {ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ} طلَبوا تَخفيفًا لا رَفْعًا، وطلَبوا يومًا لا دوامًا؛ لأنهم آيِسون، لكن قال: لعَلَّ المَسأَلة تَنفَع ولو بتَخفيف يوم من العَذاب، نَسأَل الله العافِيةَ.
ومُقتَضى هذا أنَّهم في أشَدِّ ما يَكون من العَذاب، وأنهم طلَبوا أن يَستَريحوا ولو يومًا.
قوله:{يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا} قال: المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [أي: قَدْر يَوْم] وإنَّما قال [قَدْر يَوْم من العَذاب]؛ لأنه في يوم القِيامة ليس هناك يوم ولا ليل، الشمس والقمَر مُكوَّران في نار جَهنَّمَ وكل شيء من أُمور الدنيا مُنتَهٍ ليس هناك إلَّا أَمْر الآخرة، سُبحانَ الله! .
{قَالُوا} قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [أيِ: الخَزَنة تَهكُّمًا] هكذا قال المفَسِّر [تَهكُّمًا] ويُحتَمَل أنهم قالوا ذلك تَقريعًا وتَوْبيخًا وتَنديمًا، ليس تَهكُّمًا؛ لأن الأمر واقِع فهم يُقرِّرونهم بشيء حاصِل تَنديمًا لهم؛ ليَزدادوا حُزنًا.
فإن قال قائِلٌ: ما الفَرْق بين التَّوْبيخ والتَّقْريع؟