فالجَوابُ: لا أَعرِفُ بينهما فَرْقًا، اللَّهُمَّ إلا أن يَكون فَرْقًا قليلًا، أو يُقال: التَّوْبيخ على أَمْر مَضَى، والتَّقريع هو التَّنديم هو على أَمْر حاضِرٍ.
{أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}[غافر: ٥٠] قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [بالمُعجِزات الظاهِرات] لَيْتَه قال: "بالآيات الظاهِرات"؛ لأن الرسُل جاؤُوا بالآيات لا بالمُعجِزات، لكِنَّ الآياتِ أَمْر خارِق للعادة، فهي مُعجِزة، وقد بيَّنَّا في كرامات الأَوْلياء في التَّوْحيد أن الأَوْلى أن يُسمَّى ما جاءَت به الرُّسُل من الدَّلالة على وَصْف رِسالتهم آيات.
قوله:{بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى} قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [أي: فكَفَروا بهم]{قَالُوا فَادْعُوا} هذا التَّهكُّمُ.
قوله:{قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} مثل هذا التَّعبيرِ يَقَع كثيرًا في القُرآن؛ أي أن الهَمْزة تَأتِي ثُم يَأتِي بعدها حرف عطف، مثل {أَوَلَمْ يَسِيرُوا}، {أَفَلَمْ يَسِيرُوا}{أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ} وما أَشبَهَ ذلك، فكَيْف نَقول: في إعرابها؟
نَقول: في إعرابها وَجْهان للنَّحوِيِّين:
الوَجهُ الأوَّل: أن الجُملة مَعطوفة على ما سبَق، وأن الواو مُقدَّمة على محَلِّها، وأن التَّقدير في {أَوَلَمْ تَكُ}: وأَلَمْ تَكُ، وهذا الوَجهُ ليس فيه إلَّا دعوى التَّقديم والتَّأخير، لكنه سَهْل يَعنِي: يَسهُل أن تَقول: هذا مَعطوف على ما سبَقَ.
وقال بعضُهم: إن الهَمْزة داخِلة على جُملة مَحذوفة، فالجُمْلة مُستَأنَفة هذه الجُملةُ يَكون تَقديرها بحَسب السِّياق، ففي قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَسِيرُوا}[الروم: ٩]، التَّقدير: أَغفَلوا ولم يَسيروا، وهذا من حيثُ القَواعِد أَقعَدُ، ولكن تواجهك أحيانًا