للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آيات لا تَستَطيع أن تَعرِف ما هو المُقدَّر، فصار هذا أَقعَدَ، وذاك أَسهَلَ.

وقوله: {أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ} الاستِفْهام هنا للتَّقرير، ويُقال: كلَّما دخَل الاستِفْهام على نَفيٍ فهو للتَّقرير، كقوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: ١]، {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى} [القيامة: ٣٧]، {أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ} [الزُّمَر: ٣٧] وما أَشبَه ذلك، يَقولون: كلَّما دخَل الاستِفْهام على النَّفيِ فهو للتَّقرير، إِذَنْ نحن نَقول: للتَّقرير، لكن هل يَخرُج عن مَعنى التَّقرير، أو يَضُمُّ إلى مَعنَى التَّقرير مَعنًى آخَرَ بحَسب السِّياق؟

الجوابُ: نعَمْ، ففي قوله: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} هو للتَّقرير؛ إظهارًا لمِنَّة الله عليه، وقوله: {قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ} [غافر: ٥٠] للتَّقرير تَوْبيخًا وتَنْديمًا. قوله: {قَالُوا بَلَى} جَوابُ الاستِفْهام المَقرون بالنَّفيِ، الإثبات بـ (بَلى) وجَوابُ الاستِفْهام غير المَقرون بالنَّفيِ الإثبات بنَعَمْ، وجوابُ الاستِفْهام المَقرون بالنَّفيِ في حال النَّفيِ نعَمْ، وجَواب الاستِفْهام المَقرون بالإثبات في حال النَّفيِ لا، اعرِفوا الفَرْق يُقال: إن ابن عبَّاس - صلى الله عليه وسلم - وعن أبيه قال في قول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢] قال: لو قالوا: نعَمْ. لكَفَروا.

قال الفُقَهاء: لو قيل للرجُل: أَلسْت قد طلَّقْتَ امرَأَتَك؟ قال: نعَمْ. لم تُطلَّق، وإن قال: بلَى. طُلِّقت.

فقول ابن عباس: لو قالوا: نعَمْ. لكَفَروا، وهذا مُسلَّمٌ فيما إذا كان الإنسان يَعرِف اللُّغة العرَبية جيدًا، وأمَّا العامِّيُّ فعِنده (نعَمْ) و (بَلَى) سَواءُ؛ ولهذا لو قيل للعامِّي: ألَسْت طلَّقْت امرأَتَك؟ قال: نعَمْ. فعلى القول الصَّحيح تُطلَّق، فالعِبْرة

<<  <   >  >>