فقال: نعَمْ، لكن هذا الرجُل قَنوع، اكتَفى أن يَجمَعه الليل مع مَعشوقته ولو كانت في المَشرِق وهو بالمَغرِب، وكذلك النهار، وتَرَى الهِلال كما يَراه، هي في المَشرِق تَرَى الهِلال، وهو في المَغرِب يَرَى الهِلال.
فإن قال قائِل: هل يُوجَد حديث يَدُلُّ على ما جاء به البَيْت هذا من الشِّعْر على أن (نعَمْ) تَكون في مَكان (بَلى)؟
فالجوابُ: هل يُطلَب الحديث دَليلًا على إثبات مَسأَلة لُغوِيَّة؟ فإن قيل: نعَمْ؛ لأن خَيْر مَن تَكلَّم بالفُصحى الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
قيل: إذا جاء عن العرَب فلا يَحتاج دَليلًا؛ لأن قول العرَب هو الدَّليل، ألَمْ تَعلَم أن بعض النَّحويِّين يَقول: لا نَستَدِلُّ بالحديث على اللُّغة العرَبية.
إِذَنْ: قال بعض النَّحويِّين: إنه لا يَستَدِلُّ بالحديث النَّبويِّ على اللُّغة العرَبية؛ لأن الرُّواة يُجوِّزون رِواية الحديث بالمَعنَى، ومن المَعلوم أن من بين الرُّواة مَن تَغيَّرت لُغَته، الإمامُ أحمدُ قديم ومن أئِمَّة الحَديث وسمِعْتُموه - وفي قواعِد اللُّغَة العرَبية -
(١) البيتان من شعر جحدر العُكْلي، انظر: الأمالي للقالي (١/ ٢٨٢)، وخزانة الأدب (١١/ ٢٠٩).