للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِثقال حَبَّة خَردَلٍ من كِبْر، ونوع هذا الكِبْرِ الذي في هَؤلاءِ المُجادِلين هل هو بطَر الحَقِّ وغَمْط الناس، هذا الكِبرُ -والعِياذُ بالله- جمَعَ نوعَيِ الكِبْر، وهو غَمْط الحَقِّ ورَدُّه، والثاني ازدِراء الناس بطَر الحَقِّ وغَمْط الناس.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: تَثبيت النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لقوله: {مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ}.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: تَيْئيس هَؤلاءِ المُجادِلين بأنهم لن يَبلُغوا مُرادَهم.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنةُ: أن الاسْتِعاذة بالله في مَقام المُجادَلة مَشروعة؛ لقوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} وذلك أن المُجادِل سيُورِد من الشُّبَه ما يُخشَى أن تُؤثِّر عليه، فإذا استَعاذ بالله واعتَصَم به أَنجاهُ الله من ذلك؛ ولهذا قال: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} في المُجادَلة أَمَر بالاستِعاذة بالله، وعِند الحُكْم أَمَر بالاستِغْفار {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (١٠٥) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ} [النساء: ١٠٦]، وذلك لأن الذُّنوب تَحول بين الإنسان وبين تَبيُّن الحَقِّ، وأمَّا في مَقام المُجادَلة فالإنسان محُتاج إلى مَن يَلتَجِئ إليه وَيعتَصِم به؛ فلهذا قال: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}.

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: إثبات السَّمْع لله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لقوله: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ} وإثبات البصَر؛ لقوله عَزَّ وَجَلَّ: {الْبَصِيرُ} والسَّمْع ذكَرَ العُلَماء رَحِمَهُ اللهُ أنه يَنقَسِم إلى قِسْمَيْن: الأَوَّل: إدراك المَسموع، والثاني: الاستِجابة.

فأمَّا إدراك المَسموع فيَرِد لمَعانٍ مُتَعدِّدة:

أوَّلًا: بَيانُ سَعة سَمْع الله عَزَّ وَجَلَّ، مِثاله قول الله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة: ١]؛

<<  <   >  >>