و {الطَّوْلِ} يَقول رَحِمَهُ اللَّهُ: [أي: الإِنعام الواسِع] هذا الطَّوْلُ، قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ}[النساء: ٢٥] إلى آخِره؛ فالطَّوْل هو الغِنَى الواسِع، ومن تمَام الغِنَى أن يَكون مُنعمًا، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُنعِم، واسِع الغِنى.
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{ذِي الطَّوْلِ} وهو مَوْصوف على الدوام بكُل من هَذه الصِّفاتِ، فإضافة المُشتَقِّ منها للتَّعريف كالأخيرة] فيه عِدَّة صِفات {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ} هذه أربَعة، والأَخيرة غير مُشتَقَّة، فإنَّ {ذِي} بمَعنى صاحِب غير مُشتَقَّة، لكنَّها مُؤوَّلة بمُشتَقٍّ، أمَّا ما قبلها {شَدِيدِ الْعِقَابِ}، {وَقَابِلِ التَّوْبِ}، {غَافِرِ الذَّنْبِ}، فهي مُشتَقَّة، ووَصْف، ولهذا جاءت باسم الفاعِلِ، وجاء "الغَفورُ" الذي هو اسمُه على صيغة المُبالَغة.
وجعَل المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ هذه الصِّفاتِ لا يُراد بها إثبات المَعنى المُشتَقِّ منه، ولكنها للتَّعريف فقَطْ، ولا يَخفَى ما في هذا الكلامِ من القُصور التامِّ، فكيف نَجعَل المُشتَقَّ لمُجرَّد التَّعريف؟ كيف نَقول: إن {غَافِرِ الذَّنْبِ} المُراد بذلك التَّعريفُ بالله عَزَّ وَجَلَّ، لا أنه غافِر، ولا أنه قابِل، ولا أنه شديد العِقاب؟ ! فهو قاصِر جدًّا، ولا يَصِحُّ أن نُفسِّر كلام الله تعالى بهذا الكلامِ، بل نَقول:{غَافِرِ} مُشتَقّ من الغَفْر، وهو صِفة مَقصودة، ليس المَقصود بها التعريف، وكذلك نَقول في {وَقَابِلِ التَّوْبِ}، وفي {شَدِيدِ الْعِقَابِ}.
وقول المفَسِّر:[مَوْصوف على الدوام بكُلٍّ من هذه الصِّفاتِ] قال ذلك هرَبًا من إثبات صفات الأفعال، فانتَبِهْ لأنك إذا قلت: غافِر بمَعنَى يَغفِر، صارت صِفة فِعْل يَتعلَّق بالمَشيئة! . وعند الأشاعِرة وغيرهم من المُتكلِّمين يَمتَنِع أن يُوصَف الله