للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى بوَصْف هو فِعْل، لا يُمكِن، قالوا: لأن الفِعْل يَدُلُّ على الحُدوث، والحُدوث لا يَكون في القديم، لا يَكون الحُدوث إلَّا لحادِث! .

وقد سبَق لنا بيانُ بُطلان هذا القَوْلِ، فالصَّواب إِذَنْ: أنَّ {غَافِرِ} {وَقَابِلِ} صِفتان من صِفات الأفعال، وأمَّا {شَدِيدِ الْعِقَابِ} فهي أيضًا صِفة من صِفات الأفعال؛ لأن التَّقدير: عِقابُه شديد، فهو من باب إضافة الصِّفة إلى مَوْصوفها، أي: أن عِقابه شديد، فتكون كما سبَق من الصِّفات الفِعْلية.

وأمَّا {ذِي الطَّوْلِ} فإذا قلنا: إن مَعناه ذي الغِنَى الواسِع، فهي من صِفات الذات، وإذا قلنا: إنَّها بمَعنَى الإنعام الواسِع؛ فهي من صِفات الأفعال.

فإن قال قائِل: هل {شَدِيدِ} صِفة فِعْل لله عَّزَ وَجَلَّ؟

فالجوابُ: لا هي صِفة لفِعْله، ليسَتْ صِفة فِعْل، وإنما هي صِفة لفِعْل الله، يَعنِي نفس العِقاب شديد، وهو جَعلها مُشدِّدًا شيئًا مُنفصِلًا عن الله عَزَّ وَجَلَّ.

فإن قيل: عِقاب الله منه النار، فكأنها هي التي وُصِفَت بالشِّدة، فكيف وصَفنا بها الله سبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟

فالجوابُ: هو نفسه شديد العِقاب، أنا مثَلًا إذا قلت: فُلان قَويُّ الضَّرب. يَعني ضَرْبه الواقِع منه قويٌّ، والعِقاب الواقِع منه شديد، والمَوْصوف الله عَزَّ وَجلَّ شِدَّة عِقابه هو، أمَّا المُعاقَب به فهذا شيء آخَرُ، فعندنا عِقاب ومُعاقَب به ومُعاقَب وارِد عليه العِقاب، فإذا عاقَبت شخصًا بالضرب فهذا الضربُ مُعاقَب به، وأمَّا ضَرْب الضارِب فهو وَصْفه الذي هو عِقابه.

فإن قال قائِل: قلنا: إن المفَسِّر يَتهَرَّب من إثبات الصِّفات الفِعْلية، ثُم هو قال

<<  <   >  >>