قول السلَف، وأَئِمَّة الخلَف أن الله يَتكَلَّم، ويَقول بقَوْل مَسموع وبحَرْف: أنك إذا ادْعُوني سأَستَجِب لكم؛ وهذه كلِماتٌ مُركَّبة من حروف، إِذَنْ يَتكَلَّم بحرف وصوت عَزَّ وَجَلَّ.
وقول مَن قال: إن كَلام الله هو المَعنَى القائِم بالنَّفْس، وإن ما يُسمَع عِبارة عن كلام الله، خلَقه الله ليَسمَعه الناس، وإلَّا فإن كلامه في نَفْسه فقَطْ، باطِل؛ أي: هذا قول باطِل؛ لأنَّنا إذا فسَّرْنا القول بهذا صار مَعناه العِلْم وليس القول.
والآنَ نُريد أن نُقارِن بين قولَيْن، قول يَقول: الذي في المُصحَف فهو كَلام الله مخَلوق. وقول آخَرُ يَقول: الذي في المُصحَف فهو عِبارة عن كلام الله مخَلوق. أيُّهما أقرَبُ إلى الصَواب؟
الجوابُ: الأوَّل، الأوَّل قول الجَهمية والمُعتَزِلة، والثاني قول الأشاعِرة، فتَبيَّن الآنَ أن قول المُعتَزِلة والجهْمية في كلام الله خير من قول الأشاعِرة، مع أنهم يَدَّعون؛ أي: الأشاعِرة أنهم من أهل السُّنَّة والجَماعة، وكيف يَكون هذا؟ !
إِذَنْ: نُثبِت من هذه الآيةِ القولَ لله تعالى، والقول لا يَكون إلَّا بنُطْق مَسموع وبحُروف.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: بَيان عظَمة الربِّ وتَعاظُمه من قوله: {وَقَالَ رَبُّكُمُ}، فإن هذا الصِّيغةَ تَدُلُّ على عظَمة القائِل عَزَّ وَجَلَّ.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إثبات الرُّبوبية لله، وهي تَنقَسِم إلى قِسْمَيْن عامَّة وخاصَّة، فالعامَّة: الشامِلة للخَلْق، وهي تربية الخَلْق بالنِّعَم وتَغذيتهم بالنِّعَم، والخاصَّة: هي تربية عِباد الله المُؤمِنين؛ حيث ربَّاهم الله عَزَّ وَجَلَّ على ما يُحِبُّ، وقدِ اجتَمَع النَّوْعان