للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم -: "فَأنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ" (١) هذه كلُّها تَمنَع، أو تَحول بين الإنسان وبين قَبول دُعائه واستِجابة الله له، فإذا لم يُوجَد المَوانِع، وكان المَحلُّ صالِحًا وقابِلًا بَقِيَ، لكن بَقِيَ شيء وراءَ ذلك، وهو مَشيئة الله عَزَّ وَجَلَّ قد يَدفَع الله عن الإنسان من الشَّرِّ ما هو أَعظَمُ مِمَّا طلَب، وقد يُجيب ما طلَب، وقد يَدَّخِر ذلك له أَجْرًا يوم القيامة كما جاء في الحديث، وإلَّا فنحن واثِقون غاية الثِّقة من صِدق قوله تعالى: {أَسْتَجِبْ لَكُمْ} وأنه لا بُدَّ أن يَكون.

فإن قال قائِلٌ: هل ما يَقول به بالقَلْب أو بالنَّفْس يُسمَّى قولًا؟

فالجَوابُ: لا، إلَّا إذا قُيِّد.

فإن قال قائِل: إذا نطَقْنا به؟

فالجَوابُ: لا، إلَّا إذا قُيِّد فقيل: قال في نَفْسه ما حَدَّثت به أَنفُسنا.

فإن قال قائِل: قول الأشاعِرة: ما يَقول بالنَّفس. هل هذا صَحيح؟

فالجوابُ: لا، ليس صحيحًا، هذا كلام باطِل؛ ولهذا الآنَ وازَنَّا بين قولهم وبين قول المُعتَزِلة فصار قول المُعتَزِلة أقرَبَ إلى الصواب منهم؛ لأنهم يَقولون: هذا الذي في المُصحَف كلام الله مخَلوق، وهو كَلام الله حَقيقةً، ولكنه مَخلوق، وأُولَئِك يَقولون: مخَلوق وعِبارة عن كلام الله.

فإن قال قائِل: قول عُمرَ بنِ الخَطَّاب - رضي الله عنه -: لا أَحمِل هَمَّ الإجابة، ولكن أَحمِل هَمَّ الدُّعاء (٢) هل يَقصِد أن الإنسان قد لا تَتَوفَّر له أسباب القَبول؟


(١) أخرجه مسلم: كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب، رقم (١٠١٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) ذكره ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٨/ ١٩٣).

<<  <   >  >>