للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دون الله بنَصِّ القُرآن، كما قال تعالى: {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [هود: ١٠١]، وقال تعالى: {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [القصص: ٨٨].

والجوابُ عن ذلك أن يُقال: إن خبَرَ (لا) مَحذوف، وتَقديرُه (حَقٌّ)، أي: لا إلهَ حقٌّ إلَّا الله، وإذا كان هذا هو التَّقديرَ لم يَرِد الإشكال الذي ذكَرْنا؛ لأن الآلِهة التي سِوى الله كلُّها باطِلة، كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [الحج: ٦٢].

وما قرَّرْناه هنا في هذه الكلِمةِ -كلِمة الإخلاص- هو الذي تَطمَئِنُّ إليه النَّفْس، وإلَّا قد اختَلَف فيه العُلَماء -عُلَماء العرَبية، وعُلَماء التوحيد- على أقوال مُتعدِّدة تَبلُغ نحو سِتَّة أقوال، ومِمَّا ذُكِر أن الخبر مَحذوف تَقديره مَوجودٌ، لا إلهَ مَوجودٌ، وهذا لا شَكَّ أنه باطِل؛ لأنك إذا قلتَ: لا إلهَ مَوْجودٌ إلَّا الله. لزِمَ من ذلك أن تَكون الآلِهة التي تُعبَد من دون الله هي الله، وأن تَكون عِبادتها حَقًّا، وأُلوهيَّتها حقًّا.

إِذَنِ: المُتعيِّن ما دَلَّ عليه القُرآن أن الخبَر مَحذوف تقديرُه (حَقٌّ)؛ لقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ}.

قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [غافر: ٦٥].

قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{فَادْعُوهُ} اعبُدُوه {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}]، وهذا التَّفسيرُ يُعتبر قاصِرًا؛ لأن المُراد بالدُّعاء هنا دُعاء العِبادة ودُعاء المَسأَلة، فالذي يُدعَى دُعاءَ مَسأَلة هو الله، والذي يُدعَى دُعاءَ عِبادة هو الله.

كأن المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ اقتَصَر على العِبادة، لقوله: {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}؛ لأن

<<  <   >  >>