للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونحن لا نَأثَم إذا اتَّبَعْنا الكُوفيين في رَأْيهم؛ لأنها ليست مَسائِلَ شرعية؛ فعَلى رَأْيِ الكوفِيِّين لا حاجةَ إلى كلام المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ.

فنَقول: الإضافة لَفْظية، لكن صورتها أنها إِضافة مَعنَوية؛ لأنها أُضيف إلى معرِفة، فصحَّ أن يُوصَف بها المَعرِفة؛ وهذا البَحثُ لا يُدرِكه الإنسان تمامًا إلَّا إذا عرَف أن الإضافة نَوْعان: مَحْضة مَعنَوية، ولفظية غير محَضَة.

مَسْألة: كيف نَجمَع بين القول بأنَّ أسماء الله تعالى لا تُحصى، وبين قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنّةَ" (١)؛

فالجوابُ على ذلك أن نَقول - إِذا كان السائِل مُستَفهِمًا فقل: الجوابُ على ذلك، وإذا كان مُورِدًا أي مُناقِضًا، فقل: الجوابُ عن ذلك؛ ولهذا يَكون "الجواب عن ذلك" في مَقام الرَّدِّ على مَن اعتَرَض عليك، و"الجواب على ذلك" في جواب مَنِ استَرشَد -: أن كلام النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ككَلام الله لا يَتَناقَض أبدًا، فإذا كان قد ثبَتَ عنه أنه قال: "أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ" (٢) علِمنا أن من أسماء الله ما لا يُمكِن الوصولُ إليه، ولا يُمكِن إدراكُه؛ لأن ما استَأثَر الله به لا يُمكِن أن نَعلَمه، فحينَئِذ يَتعيَّن أن نَقول: إن مَعنى قوله: "إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسمًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ" أي: من أسمائه تِسعة وَتِسْعِينَ مَن أَحصاها دخَل الجَنَّة، فتكون جُملة "مَنْ أَحْصَاهَا" وصفًا لكلمة "اسْمًا"، وليست جُملةً مُستقِلَّة مُستَأْنَفة، تَكون معنى "إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا" مَوْصوفة بأن "مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجنّةَ"، وله أسماءٌ أخرى لكن اختَرْ


(١) أخرجه البخاري: كتاب التوحيد، باب إن لله مائة اسم إلا واحدًا (٧٣٩٢)، ومسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها (٢٦٧٧)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه الإمام أحمد (١/ ٣٩١) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>