ولا يَجوز أن تَقول: جاء زَيْد فاضِل. يَجِب أن تَقول: جاء زَيْد الفاضِلُ. فإذا كانت الإضافة {غَافِرِ} و {وَقَابِلِ} و {شَدِيدِ}، في لا تُفيد التعريف، وأَعرَبْناها على أنَّها صِفة، فصار في هذا إشكال، وهو أننا وصَفْنا مَعرِفة بنكِرة، وهذا غير جائِز، فأَراد المفَسِّر أن يُصحِّح المَوْضوع فقال: إن هذه الصِّفاتِ لا يُراد بها الحُدوث، وإنَّما هي صِفات على الدوام، وإذا كانت الصِّفات على الدوام خرَجَت عن مُشابَهة الفِعْل، وصارَت الإضافة للتَّعريف؛ لأَجْل أن يَصِحَّ وَصْف اسم الجلالة، أو لفظ الجلالة بهذه الصِّفاتِ لمَّا كانت إضافتُها مَحْضة مَعنَوية.
لكنْ للمُعْرِبين قول آخَرُ، بل قول ثالِث: في القول الآخَر يَقولون: إن {غَافِرِ} و {وَقَابِلِ} و {شَدِيدِ} بدَل من الله، والبدَل لا يُشتَرط فيه مُوافَقة المُبدَل منه، لكن القول بأنها بدَل غيرُ صحيح؛ لأن عَلامة البدَل أن يَحِلَّ مَحلَّ المُبدَل منه، وهذا لا يَصِحُّ، هذا وَصْف زائِد على المَوْصوف.
وهناك رَأْيٌ ثالِث لإخواننا الكَوْفيِّين المُيسِّرين يَقولون: يَجوز أن تُنعَت المعرِفة بمِثل هذا التركيبِ، ولو كانت الإضافةُ لفظيةً غيرَ مَحْضة. يَعني يَقولون: ما أُضيف إلى المَعرِفة ولو كانَت الإِضافة غيرَ مَحْضة يَجوز أن يَكون نَعْتًا للمَعرِفة اعتِبارًا باللفظ؛ لأن لَفْظ:{غَافِرِ الذَّنْبِ} مَعرِفة؛ لأنه أُضيف إلى مَعرِفة، وإن كانَتِ الإضافة عِنْدهم غير حقيقية، وإنَّما هي لَفْظية.
فالنَّحويُّون يَقولون: لا يُهِمُّ لفظية أو مَعنَوية، ما دام ظاهِر اللفظ مُنسجِم الصِّفة مع المَوْصوف، فهذا يَكفِي.
والقاعِدة المُتبعة عندنا فيما إذا ورَد خِلاف بين النَّحويِّين أن نَتَّبع الأسهَل اقتِداءً بالرسول عَلَيهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أنه ما خُيِّر بين أَمْرين إلَّا اختار أَيسَرَهما ما لم يَكُن إثمًا.