للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَعروف أنه يَختَلِف، ومن ثَم اختَلَفَت طبائِعُ بني آدَمَ، واختَلَفت ألوان بني آدَمَ، واختَلَفَت أَلْسِنة بني آدَمَ كما اختَلَف أَصْلُهم، فالتُّراب منه الرَّمْل والطين والسِّباخ، وغير ذلك.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: انتِقال هذا الأصلِ إلى أصل آخَرَ، وهو الماء النُّطْفة المَنيُّ؛ قال تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطارق: ٥ - ٧]، وفي آيةٍ أُخرى: {مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} ويَعنِي: غَليظ، لا يَندَفِع ولا يَجرِي؛ لأنه غير سائِل ليس كالماء المائِع الذي يَسيل، بل هو {مَاءٍ مَهِينٍ} أي: ضَعيف لا يَتحرَّك.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: تَطوُّر خَلْق الإنسان في بطن أُمِّه، وهنا لم يَذكُر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى إلَّا النُّطْفة والعلَقة؛ لأن النُّطْفة هي الأصل والعلَقة هي الأصل، والعَلَقة هي أصل مادَّة الحَياة، إِذْ إن الحَياة لا تَكون إلَّا بالدَّمِ، وهو أصل المادَّة، ولهذا لو تَفرَّغ دمُ الإنسان لهلَكَ.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: بَيانُ قُدرة الله عَزَّ وَجَلَّ أنه بعد هذا الجَنينِ، أو بعد هذه الحالِ في بَطْن أُمِّه يَخرُج طِفلًا مُتكامِلًا.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن الله تعالى قَسَم الناس بعد خُروجهم أطفالًا إلى أقسام:

القِسْم الأوَّل: أن يَبلُغ الإنسان أَشُدَّه ثُم يَموت.

والثاني: أن يَبلُغ الشيخوخة.

والثالث: أن يَموت قبل ذلك؛ أي: قبل أن يَبلُغ وقبل الشيخوخة، وعلى أيِّ أَساس يَكون هذا؟ نَقول: هذا مَحْض مَشيئة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ليس له أساس مَعلوم، لكنه محَضُ المَشيئة، لكن مع كونه مَحْض المَشيئة قد يُقدِّر الله تعالى أسبابًا كونية

<<  <   >  >>