للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه، وسُجِن مع بَراءَته وظُهور براءَته في النِّهاية، وهؤلاء المُكذِّبين بعضُهم فُعِل به أكثَرَ مِمَّا فُعِل بيُوسُفَ، من التعذيب، بل بعضُهم قُتِل، فلكل شيء وجهٌ، ولا يُمكِن المُقارَنة بين هذا وهذا.

فإن قال قائِلٌ: علِمْنا أنَّ فِرعونَ وهامانَ وقارونَ قد أَهلَكهم الله -عَزَّ وَجَلَّ- هل هلَكوا كلُّهم مرَّة واحِدة، أم كل واحِد على حِدَة؟

فالجوابُ: أمَّا قارونُ فالله -عَزَّ وَجَلَّ- بيَّن أنه خُسِف به وبداره الأرض، فليس مِمَّن هلَك بالغرَق، وأمَّا هامانُ فالظاهِرُ أنه هلَك مع فِرعونَ.

فإن قال قائِل: هل سبب هَلك قارونَ أنه أتَى بامْرأة غانِية فافتَرَت على مُوسى عَلَيهَ السَّلَامُ أنه زنَى بها؟

فالجَوابُ: افتِخاره بماله هو الذي خسَفَ به الأرض.

وقوله: {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} هذه جُمْلة مُؤَّدة بـ (إِنَّ) وَعْد الله حَقٌّ. وَيقول المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [إنَّ وَعْد الله بعَذابِهم حَقٌّ] وهذا قُصور من المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ، بل إن وَعْد الله بعَذابهم ونَصْرك حَقٌّ، بل لو قُلْنا بأنه أعَمُّ من ذلك أيضًا، لولا أنه في سِياق المُحاجَّة مع الكُفَّار لقُلْنا: إنه أَعَمُّ. إن وَعْد الله حَق في كل شيء؛ في عَذاب هَؤلاءِ، ونَصْره، وفي الجَنَّة، وفي كل شيء.

وقوله: {حَقٌّ}؛ أي: أَمْر ثابِت واقِع، فكُلُّ ما وعَد الله به فهو حَقٌّ ثابِت واقِع؛ لكَمال صِدْقه وكَمال قُدْرته؛ لأن إخلاف الوَعْد يَأتِي من أَحَد أَمْرين: إمَّا كَذِب الواعِد، وإمَّا عَجْزه عن تَنفيذ ما وَعَد به، والله -عَزَّ وَجَلَّ- لا يُخلِف المِيعاد؛ لكَمال صِدْقه وكَمال قُدْرته تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

<<  <   >  >>