للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَمْريكا، أو في شَرْق آسيا، أو ما أَشبَه ذلك من الأماكِن البَعيدة فهَؤُلاءِ لم يَقُصَّ علينا من نَبئِهم شَيئًا.

قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} رُوِيَ أنه تعالى بعَث ثَمانية آلاف نَبيٍّ؛ أربعة آلافٍ من بَني إسرائيلَ، وأربَعة آلافٍ من سائِر الناسِ، وجَدير بالمفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ أن يَقول: [رُوي] بصيغة التَّمْريض؛ لأن هذا لا يَصِحُّ، كيف يَكون من بني إسرائيلَ وهم مُتَأخَرون عن أُمَمٍ كَثيرة أربَعة آلاف، ومن سائِر الناس أَرْبعة آلافٍ؟ ! هذا بَعيدٌ، بل إن الله أَرسَل في كُلِّ وَقْت وحين ما تَقوم به الحُجَّة، وليس لنا أن نَبحَث عن عدَد هَؤلاءِ، وإن قُلْنا: لنا فإنه ليس عَلَيْنا، يَعنِي: لو قيل لنا أن نَبحَث للاطِّلاع لم يَكُن سائِغًا أن نَقول: علينا أن نَبحَث. بل نَقول: آمَنَّا بالله وبرُسُله، مَن عَلِمنا مِنهم ومَن لم نَعلَم.

قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ} مِنْهم {أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}؛ لأنَّهُم عَبيد مَربوبون]. قوله: {وَمَا كَانَ} {وَمَا} نافِية، {كَانَ} فِعْل ماضٍ ناقِص، و {لِرَسُولٍ} خبَرُه، {أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ} اسمُ (كانَ)؛ أي: وما كان إِتيان أَحَدهم بآيَة إلَّا بإِذْن الله، {وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} يَعنِي: أن الرُّسُل عليهم الصلاة والسلام آتاهُم آياتٍ، لكن هل هُمُ الذين يَملِكون هذا؟ الجواب: لا، هذا من عِند الله، ولكن الله تعالى بَيَّن أنه ما من رَسولٍ إلَّا وأُوتِيَ آية.

وقوله: {بِالْبَيِّنَاتِ} يَعنِي: بالآيات البَيِّنات، حتى يُؤمِن البَشَر، وحتى لا يَكون لهم حُجَّة عِند الله؛ لأن الله لو بَعَث رسولًا هكذا إلى الناس وقال: إنِّي رَسول الله، ولم يَأتِ بآية، فإن الناس لن يَقبَلوا منه، وإلَّا لأَمكَن كلَّ كاذِب أن يَدَّعِيَ الرِّسالة،

<<  <   >  >>