للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِثال ذلك: أن يَسير الإنسان إلى دِيار ثَمودَ؛ ليَنظُر ماذا صنَعَ الله بهم، ولكن كما قال النَّبيُّ عَلَيهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَا يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَهَا إِلَّا وَهُوَ بَاكٍ" (١) خَوْفَ أَنْ يُصِيبَهُ مَا أَصَابَ هَؤُلَاءِ المُكَذِّبِينَ.

وأمَّا مَن ذهَب إليها للتَّنزُّه والفُرْجة فإن ذلِك لا يَجوز، كما يَصنَع كثير من الناس اليومَ، يَذهَبون إليها لا على سَبيل العِظة والاعتِبار، ولا يَدخُلونها وهم باكُونَ، بل على سبيل الاطِّلاع فقَطْ على آثار السابِقين، وعلى سبيل النُّزْهة، وهذا حَرام ولا يَحلُّ.

فإن قال قائِل: مَن ذَهَب إلى دِيارِ ثَمود للعِبْرة ولكنه لم يَستَطِع أن يَبكِيَ فهل يَتَباكَى؟

فالجَوابُ: لا، وفي الحديث: "فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكينَ فَلَا تَدْخُلُوهَا"، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا مَرَّ بها قَنَّع رَأسَه يَعنِي: غَطَّاه وخَفَضه وأَسرَع ناقَتَه.

فإن قال قائِل: إِذَنْ نَقول: ابْكِ أو ارجِعْ.

فالجوابُ: نعَمْ، نَقول: ابْكِ أو ارجِعْ، إمَّا أن تَبكِيَ وإمَّا أن تَرجِع، فإن لم تَبكِ وأنت مرَرْت بالبلَد فعَجِّل وقَنِّع رَأْسك، كما فعَل الرسول عَلَيهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

فإن قال قائِل: إِذَنْ نَقول بعدَم جَواز مَن يُصوِّر هذه الصُّوَرَ ويُريها الناس يَنشُرها؟


(١) أخرجه البخاري: كتاب المغازي، باب نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - الحِجر، رقم (٤٤١٩)، ومسلم: كتاب الزهد والرقائق، باب لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، رقم (٢٩٨٠)، من حديث ابن عمر - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>