للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالجَوابُ: أي نعَمِ، الظاهِر أنه للمَنْع أَقرَبُ؛ وذلك لأنه إنَّما يُريهم إيَّاها لبَيان قُوَّة القَوْم، لا لِبَيان أن الله أَهلَكهم مع قُوَّتهم، هذا هو الظاهِر من هَؤلاء المُصوِّرين.

فإن قال قائِل: هل يَشمَل هذا كلَّ الآثار القَديمة أو التي عُذِّبت فَقَطْ؟

فالجَوابُ: نَحنُ قرَأْنا آية تَدُلُّ على المُراد {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا}.

فإن قال قائِلٌ: بعض القَوْم السابِقين دمَّرَهم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى خارِجَ دِيارِهم، مثل الفَراعِنة، هل نَقول: لا نَدخُل آثارَهُم كدِيار ثَمودَ؟

فالجوابُ: لا، وعلى هذا نَقول: لنا أن نَدخُل المَكان الذي أُغرِق فيه فِرعونُ، ولنا أن نَدخُل مِصرَ أيضًا؛ لأنه لم يُهلَك فِرعونُ في مِصرَ.

وقوله: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ} إِعْراب الجُمْلتين أن نَقول: إن (لَمْ) حَرْف نَفيٍ وجَزْم وقَلْب، حرف نَفي؛ لأنَّها تَنفِي، وجَزْم لأنها تَجزِم، قَلْب لأنها تُحوِّل المُضارع إلى الماضِي، والفاء في قوله {أَوَلَمْ يَسِيرُوا} عاطِفة لا شَكَّ، لكن: هل هي عاطِفة على مُقدَّر مَحذوف، أو عاطِفة على ما قَبلَها من الجُمَل؟

في ذلك قَوْلان:

القول الأوَّل: أنها عاطِفة على مَحذوف مُقدَّر بعد الهَمْزة، ويُقدَّر بما يُناسِب المَقام، وعلى هذا فتَرتِيبُها بعد الهَمْزة تَرتيب طَبيعيٌّ.

والثاني: أنها عاطِفة على الجُمْلة السابِقة، وبِناءً على ذلك تَكون الفاءُ هنا مُزَحْلَقة عن مَوضِعها؛ إذ إن مَوضِعها يَكون قبل الهَمْزة.

والقَوْلان مَعروفان لأَهْل العِلْم بالنَّحوِ، على التَّقدير الأوَّل أنها عاطِفة على

<<  <   >  >>