للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمَّا حقُّ الله فنُقيم عليه الحَدَّ، وحقُّ العِباد - وهو الإكراه والعُدوان عليه - لا بُدَّ مِنِ استِحْلاله.

فإن قال قائِل: رجُل سرَق من شخص مالًا، ثُم ردَّه عليه وقال: هذه هَدية. هل يَبرَأ منه؟

فالجوابُ: لا يَبرَأ، هو ردَّه على أنه هَدية، وهذا قبِلَه على أنه هَدية، وأن المُهدِي له عليه مِنَّة، وأنه يَحتاج إلى مُكافَأة.

ولو وَضَع معَها رِيالًا وقال: هذه هَدية؛ لكان مخُادِعًا، ولا بُدَّ، لكن - الحمد لله - يَقول: والله أنا في حالِ السَّفَه، وهذه تَقَع كثيرًا في حال الصِّغَر، وإلَّا فالكبير ليس بسارِق - إن شاء الله -، لكن وهو صَغير يَسرِق من دُكَّان، أو من صاحِب له، يَأخُذ قلَمًا، أو يَأخُذ ساعة، فلا بُدَّ أن يُوصِله إليه وَيقول: هذه حَقّ لك علَيَّ.

ولكن لو قال مثَلًا: هذه من إنسان تاب، وقد سرَقها منك، ولم يَقُل: أنا أو غيره، فهذا يَصِحُّ، والظاهِر أنه يَنبَني على استِحلال المَجموع.

مسألة: ورَد في حَديث النَّبيِّ أن الإنسان يَكتُب في بَطْن أُمِّه شَقِيٌ أو سَعيد (١)، فلماذا يعمل الإنسان؟

فالجَوابُ: قد احتَجَّ الصَّحابة بهذه الحجَّة على الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لمَّا قال لهم: "مَا مِنْكُمْ أَحَد إِلَّا وَقَدْ كتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ" قالوا: يا رَسول الله، فَفيمَ العمَلُ؟ - أي: من أَجْل ماذا نَعمَل؟ - فقال: "اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ


(١) أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، رقم (٣٢٥٨)، وأخرجه مسلم: كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، رقم (٢٦٤٣)، من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>