الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: أن المَصير إلى الله عَزَّ وَجَلَّ؛ لقَوْله {إِلَيْهِ الْمَصِيرُ}.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ: وُجوب التَّحاكُم إلى شريعة الله، تُؤخَذ من قوله: حيثُ قدَّم الخبَر، وتَقديم الخبَر يُفيد الحَصْر والاختِصاص.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: الجمْع بين الخَوْف والرجاء في السَّيْر إلى الله، وجهُ ذلك: أنَّ الإنسان إذا علِم أن المَصير إلى الله، وأنه غافِر الذَّنْب، وقابِلُ التَّوْب، وشَديد العِقاب، يَرجو من وَجْه، ويَخاف من وَجهٍ آخرَ، ما دام المَصيرُ إلى مَن هذا وَصْفه، فإنه لا شَكَّ أنه يَرجو تارةً، ويَخاف أُخرى. وأيُّهما يُغلِّب؟
قال بعض العُلَماء: يَجِب أن يَكون خوفُه ورجاؤُه واحِدًا، لا يُغلِّب الرجاء؛ فيقع في الأَمْن من مَكْر الله، ولا يُغلِّب الخوف، فيَقَع في القُنوط من رحمة الله، بل يَكون خوفه ورَجاؤُه واحِدًا، قال الإمامُ أحمدُ رحمه الله تعالى: يَنبَغي أن يَكون خوفُه ورَجاؤُه واحِدًا فأيُّهما غلَب هلَك صاحِبه (١).
وقال بعضُهم: يَنبَغي أن يَسير الإنسان إلى الله تعالى سَيْر الطَّيْر، جَناحاه مُتساوِيان، فإن مال أَحَدُ جَناحيه، جنَح إلى الجانِب الذي مال إليه، وقال بعضُ العُلَماء: يَنبَغي في جانب الطاعة أن يُغلِّب جانِب الرجاء، وأن الله تعالى يَقبَلها، وفي جانِب المَعصية أن يُغلِّب جانِب الخوف؛ لئَلَّا يَقَع فيها، فإذا هَمَّ بسيِّئة ذكَر شِدَّة العِقاب فخاف فارْتَدَع، وإذا عمِل صالِحًا ذكَر الثواب والجزاء وقَبول الله عَزَّ وَجَلَّ فغلَّب جانِب الرجاء.
(١) انظر: الاختيارات العلمية لابن تيمية [المطبوع مع الفتاوى الكبرى] (٥/ ٣٥٩).