للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال بعض العُلَماء: يَنبَغي أن يُغلِّب جانب الخَوْف في حال الصِّحة، وجانِب الرجاء في حال المرَض حتى يَأتيَه الموت وهو يُحسِن الظَّنَّ بالله؛ لقول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللهِ" (١).

فالأَقوال إِذَنْ ثلاثة:

الأوَّل: أن يَكون خوفُه ورجاؤُه واحِدًا.

والثاني: أن يُغلِّب جانب الرَّجاء في العمَل الصالِح، وجانب الخوف إذا همَّ بالمعصية.

والثالث: أن يُغلِّب جانِب الرجاء في حال المرَض، وجانب الخَوْف في حال الصِّحَّة.

هذه ثلاثة أقوال، والذي يَظهَر أنَّ القول بأنه يُغلِّب جانب الرجاء في حالِ فِعْل الطاعة، وجانب الخوف إذا هَمَّ بمَعصية هو أقرَبُ الأقوال، من أَجْل أن يَردعَ نَفْسه إذا هَمَّ بمَعصية خوفًا من الله، وأن يُؤمِّل القَبول من الله والثواب إذا فعَل الطاعة فيُغلِّب جانِب الرجاء.

وهذا القول ليس جَديدًا، وهو بقَطْع النظَر عن حالات تَعرِض للإنسان، فكما نَقول: هذا الشيءُ مُباح. وقد يَكون واجِبًا، وقد يَكون حرامًا، فنحن إذا رجَّحنا يَعنِي نَنظُر إلى القول من حيثُ هو قولٌ، لكن قد تَعرِض للإنسان حالات حتى إذا هَمَّ بالمَعصية قد يَكون يُغلِّب جانب الرجاء، أو بالعكس، فالقول من حَيثُ هو


(١) أخرجه مسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت، رقم (٢٨٧٧)، من حديث جابر - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>